قوله: ﴿وَلاَ تُخْسِرُواْ﴾: العامَّةُ على ضَمِّ التاءِ وكسرِ السينِ مِنْ أَخْسَرَ، أي: نَقَصَ كقولِه: ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾. وقرأ زيد بن علي وبلال بن أبي بردة بفتح التاءِ وكسرِ السين فيكون فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنىً. يقال: خَسِر الميزانَ وأخسَره، بمعنىً واحدٍ نحو: جَبَر وأَجْبَر. ونقل أبو الفتح وأبو الفضل عن بلال فتحَ التاءِ والسينِ. وفيها وجهان، أحدُهما: أنه على حَذْفِ حرفِ الجر تقديره: ولا تَخْسَروا في الميزان. ذكره الزمخشري وأبو البقاء: إلاَّ أنَّ الشيخَ قال: "لا حاجةَ إلى ذلك؛ لأنَّ "خَسِرَ". قلت: وهذا ليس مِنْ ذاك. ألا ترى أنَّ "خَسِروا أنفسَهم". و "خَسِر الدنيا والآخرةَ" معناه: أنَّ الخُسْران واقعٌ بهما، وأنَّما معدومان. وهذا المعنى ليس مُراداً في الآيةِ قطعاً، وإنما المرادُ: لا تُخْسِروا الموزونَ في الميزان. وقُرِىء "تَخْسُروا" بفتح التاء وضمِّ السينِ. قال الزمخشري: "وقُرِىء ولا تَخْسروا بفتح التاء وضم السين وكسرِها وفتحِها. يقال: خَسِر الميزانَ يَخْسِره ويَخْسُره. وأمَّا الفتحُ: فعلى أنَّ الأصلَ "في الميزان" فحذف الجارَّ ووصلَ الفعلَ إليه" وكَرَّر لفظ الميزان، ولم يُضْمِرْه في الجملتَيْن بعده تقويةً لشَأْنِه وهذا كقولِه:
٤١٧٠ - لا أَرى الموتَ يَسْبِقُ الموتَ شيءٌ * نَغَّصَ الموتُ ذا الغِنى والفقيرا
* ﴿ وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ ﴾
قوله: ﴿وَالأَرْضَ وَضَعَهَا﴾: كقولِه: ﴿وَالسَّمَآءَ رَفَعَهَا﴾. وقرأ أبو السَّمَّال بالرفع مبتدأً. و "للأَنام" عليةٌ للوَضْع. والأَنام. قيل: الحيوان. وقيل: بنوا آدمَ خاصةً. وقيل: هم الإِنسُ والجنُّ، ووزنُه فَعال كقَذال، فيُجْمع في القلة على آنِمَة بزنة: امرأةٌ آثِمة وفي الكثرة: على أُنُم، كقَذال وأَقْذِلَة وقُذُل.
* ﴿ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ ﴾
(١٣/٢٦٢)
---