ثم لك في هذه الجملةِ وجهان، أحدُهما: أنها لا محلَّ لها من الإِعرابِ: إمَّا لأنَّها ابتدائيةٌ ولا سيما على رَأْيِ الزمخشري، حيث جَعَلَ الظرفَ مُتَعَلِّقاً بها وإمَّا لأنَّها اعتراضيةٌ بين الشرطِ وجوابِه المحذوف. والثاني: أنَّ مَحَلَّها النصبُ على الحال، قاله ابن عطية، ولم يُبَيِّن صاحب الحال ماذا؟ وهو واضحٌ إذا لم يكُنْ هنا إلاَّ الواقعةُ، وقد صَرَّحَ أبو الفضل بذلك.
وقرأ العامَّةُ برفعِ "خافضةٌ رافعةٌ" على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ، أي: هي خافضةٌ قوماً إلى النار ورافعةٌ آخرين إلى الجنةِ، فالمفعولُ محذوفٌ لفَهْمِ المعنى، أو يكونُ المعنى: أنَّها ذاتُ خَفْضٍ ورَفْعٍ كقوله: ﴿يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ ﴿وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ﴾ وقرأ زيد بن علي وعيسى والحسن وأبو حيوة وابن مقسم واليزيدي بنصِبها على الحالِ، ويُروى عن الكسائيِّ أنه قال: "لولا أنَّ اليزيديَّ سَبَقني إليه لقَرَأْتُ به" انتهى. ولا أظنُّ مثلَ هذا يَصِحُّ عن مثل هذا. واخْتُلف في ذي الحال، فقال أبو البقاء: "من الضمير في "كاذبة" أو في "وَقَعَتْ"، وإصلاحُه أن يقولَ: أو فاعل "وقعَتْ" إذ لا ضميرَ في "وقعَتْ". وقال ابن عطية وأبو الفضل مِنْ "الواقعة"، ثم قَرَّرا مجيءَ الحالِ متعددةً من ذي حالٍ عن كلامِهما. قال أبو الفضل: "وإذا جُعِلَتْ هذه كلُّها أحوالاً كان العامل في "إذا وَقَعَتْ" محذوفاً يَدُلُّ عله الفحوى، أي: إذا وقعتْ يُحاسَبون.
* ﴿ إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجّاً ﴾
(١٣/٢٩٠)
---


الصفحة التالية
Icon