* ﴿ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾
قوله: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ﴾: قد تقدَّم الخلافُ في "يُظاهِرون" في سورةِ الأحزاب وكذا في "اللائي" فأَغْنَى عن إعادتِه هنا وأُبي هنا "يَتَظاهَرُون" وعنه أيضاً "يَتَظَهَّرُوْن". وفي "الذين" وجهان، أحدهما: أنه مبتدأٌ، وخبرُه قولُه: ﴿مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾. والثاني: أنَّه منصوبٌ بـ"بصير" على مذهبِ سيبويهِ في جوازِ إعمالِ فَعيل، قاله مكي، يعني أنَّ سيبويه يُعْمل فعيلاً من أمثلةِ المبالغةِ، وهو مذهبٌ مَطْعونٌ فيه على سيبويِهِ؛ لأنه استدلَّ على إعمالِه بقولِ الشاعر:
٤٢٣٨ - حتى شآها كَليلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ * باتَتْ طِراباً وبات الليلَ لم يَنَمِ
ورُدَّ عليه: بأنَّ "مَوْهِناً" ظرفُ زمانٍ، والظرفُ تعملُ يها روائحُ الأفعالِ. وللكلامِ في المسألةِ موضعٌ هو ألأيقُ به مِنْ هنا ولكنَّ المعنى يَأْبى ما قاله مكيٌّ.
وقرأ العامَّة "أمَّهاتِهم" بالنصب على اللغة الحجازية الفصحى كقولِه: ﴿مَا هَاذَا بَشَراً﴾ وعاصم في روايةٍ بالرفعِ على اللغةِ التميميةِ، وإنْ كانَتْ هي القياسَ لعدمِ اختصاصِ الحرفِ. وقرأ عبدُ الله "بأمَّهاتهم" بزيادة الباءِ، وهي تحتمل اللغتين. وقال الزمخشري: "وزيادةُ الباء في لغة مَنْ ينصِبُ". قلت: هذا هو مذهبُ أبي علي، يرى أنَّ الباءَ لا تُزاد إلاَّ إذا كانَتْ "ما" عاملةً فلا تُزاد في التميمية ولا في الحجازيةِ إذا مَنَعَ مِنْ عملها مانعٌ نحو: "ما إنْ زيدٌ بقائمٍ". وهذا مردودٌ بقولِ الفرزدق وهو تميمي:
٤٢٣٩ - لَعَمْرُك ما مَعْنٌ بتارِكِ حقِّه * ولا مُنْسِىءٌ مَعْنٌ ولا مُتَيِّسرُ
وبقول الآخر:
٤٢٤٠ - لَعَمْرُك ما إنْ أبو مالكٍ * بواهٍ ولا بضعيفٍ قِواهْ


الصفحة التالية
Icon