قوله: ﴿يُخْرِبُونَ﴾ يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً للإِخبار به، وأن يكونَ حالاً مِنْ ضميرِ "قلوبِهم" وليس بذاك. وقرأ أبو عمرو "يُخَرِّبون" بالتشديد وباقيم بالتخفيفِ وهما بمعنى واحدٍ؛ لأن خرَّب عَدَّاه أبو عمروٍ بالتضعيف، وهم بالهمزة. وعن أبي عمروٍ أنه فَرَّق بمعنىً آخرَ فقال: "خرَّب بالتشديد: هَدَم وأَفْسد، وأَخْرَبَ بالهمزة: تَرَكَ الموضوعَ خراباً وذهَب عنه. واختار الهذليُّ قراءةَ أبي عمروٍ لأجل التكثير. ويجوزُ أَنْ يكونَ "يُخْرِبون" تفسيراً للرعب فلا مَحَلَّ له أيضاً.
* ﴿ وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ﴾
قوله: ﴿الْجَلاَءَ﴾: العامَّةُ على مَدَّة وهو الإِخراجُ، أَجْلَيْتُ القومَ إجلاءً، وجلا هو جلاءً. وقال الماوردي: "الجلاءُ أخصُّ من الخروجِ؛ لأنه لا يُقال إلاَّ لجماعةٍ، والإِخراجُ يكون للجماعةِ والواحد" وقال غيرُه: الفرقُ بينهما أنَّ الجلاءَ ما كان مع الأهلِ والولدِ بخلاف الإِخراجِ فإنه لا يَسْتلزِمُ ذلك.
وقرأ الحسن وعلي ابنا صالح "الجَلا" بألفٍ فقط. وطلحة مهموزاً من غيرِ ألفٍ كالنبأ. وقرأ طلحة "ومَنْ يُشاقِقْ" بالفكِّ كالمتفق عليه في الأنفال.
* ﴿ مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ﴾
قوله: ﴿مَا قَطَعْتُمْ﴾: "ما" شرطيةٌ في موضع نصب بـ"قَطَعْتم" و "مِنْ لينةٍ" بيانٌ له. و "فبإِذنِ اللهِ" جزاء الشرطِ. ولا بُدَّ مِنْ حذفٍ، أي: فقَطْعُها بإذنِ الله، فيكون "بإذنِ الله" الخبرَ لذلك المبتدأ. واللينةُ فيها خلافٌ كثير، قيل: هي النخلةُ مطلقاً، وأُنْشِد:
٤٢٤٤ - كأن قُتودي فوقها عُشُّ طائرٍ * على لِيْنَةٍ سَوْقاءَ تَهْفوا جُنوبها
وقال آخر:
(١٣/٣٥٩)
---


الصفحة التالية
Icon