وقد سبق أبا البقاء ابنُ عيطة إلى ما يُوْهِم شيئاً من ذلك، ولكنه صرَّح بأنه جوابُ القسم، وقال: "جاءت الأفعالُ غير مجزومةٍ في "لا يَخْرجون" ولا "يَنْصرُون" لأنها راجعةٌ على حكم القسم لا على حكمِ الشرط. وفي هذا نظرٌ" وقوله: "وفي هذا نظر" مُوْهِمٌ أنه جاء على خلافِ ما يقتضيه القياسُ، وليس كذلك، بل جاء على ما يَقْتضيه القياسُ. وفي هذه الضمائرِ قولان، أحدهما: أنها كلَّها للمنافقين. والثاني: أنها مختلفةٌ، بعضُها لهؤلاء وبعضُها لهؤلاء.
* ﴿ لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ﴾
قوله: ﴿لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً﴾: "رهبةً" مصدرٌ مِنْ رُهِبَ المبنيِّ للمفعولِ، فالرهبةُ واقعةٌ من المنافقين لا مِنْ المخاطبين، وهو كقولِ كعبِ بن زهير - رضي الله عنه - في مَدْح رسوِ الله صلَّى الله عليه وسلم:
٤٢٥٢ - فَلَهْوَ أَخْوَفُ عندي إذا أُكَلِّمُهُ *وقيل: إنك محبوسٌ ومقتولُ
مِنْ ضَيْغَمٍ بثَراءِ الأرضِ مُخْدَرُه *ببَطْنِ عَثَّر غِيْلٌ دونَه غِيْلُ
و "رُهْبةً" تمييز.
* ﴿ لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ﴾
قوله: ﴿جَمِيعاً﴾: حالٌ و ﴿إِلاَّ فِي قُرًى﴾ متعلقٌ بـ"يُقاتِلونكم".
(١٣/٣٦٧)
---


الصفحة التالية
Icon