قوله: ﴿كَمَثَلِ الَّذِينَ﴾: خبرُ مبتدأ مضمرٍ، أي: مثلُهم مثلُ هؤلاء. و "قريباً" فيه وجهان، أحدهما: أنَّه منصوبٌ بالتشبيه المتقدم، أي: يُشَبِّهونهم في زمنٍ قريب سيقع لا يتأخر، ثم بَيَّنَ لك بقوله: ﴿ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾. والثاني: أنه منصوبٌ بـ"ذاقوا"، أي: ذاقوه في زمنٍ قريب سيقع ولم يتأخَّرْ. وانتصابُه في وجهَيْه على ظرف الزمان. وقوله: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ﴾ كالبيان لقولِه: ﴿كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾.
* ﴿ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ ﴾
قوله: ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ﴾: العامَّةُ على نصب "عاقَبَتُهما" بجَعْلِه خبراً، والاسمُ "أنَّ" وما في حَيَّزها؛ لأنَّ الاسمَ أَعْرَفُ مِنْ "عاقبتَهُما". وقد تقدَّم تحريرُ هذا في آل عمران والأنعام. وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وابن أرقم برفعِها على جَعْلِها اسماً، و "أنَّ" وما في حَيِّزها خبراً كقراءةِ ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ﴾ قوله: ﴿خَالِدِينَ﴾ العامَّةُ على نَصْبِه حالاً من الضمير المستكنِّ في الجارِّ لوقوعِه خبراً. وعبد الله وزيد بن علي والأعمش وابن أبي عبلة برفعِه خبراً، والظرفُ مُلْغَى فيتعلَّق بالخبر، وعلى هذا فيكون تأكيداً لفظياً للحرفِ وأُعيد معه ضميرُ ما دَلَّ عليه كقولِه: ﴿فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ وهذا على مذهب سيبويه فإنه يُجيز إلغاءَ الظرفِ وإنْ أُكِّدَ، والكوفيون يَمْنَعونَه وهذا حُجَّةٌ عليهم. وقد يُجيبون: بأنَّا لا نُسَلِّمُ أَنْ الظرفَ في هذه القراءةِ مُلْغَى، بل نجعلُه خبراً لـ"أنَّ" وخالدان خبرٌ ثانٍ، وهو مُحْتمِلٌ لِما قالوه إلاَّ أنَّ الظاهرَ خلافُه.
* ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾