قوله: ﴿وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ﴾: في "وَدُّوا" وجهان، أحدهما: أنه معطوفٌ على جواب الشرطِ وهو قوله: "يكونوا" و "يَبْسُطوا" قاله الزمخشري. ثم رتَّب عليه سؤالاً وجواباً فقال: "فإنْ قلتَ: كيف أورَدَ جوابَ الشرط مضارعاً مثلَه ثم قال: "وَدُّوا" بلفظ الماضي؟ قلت: الماضي وإنْ كان يجري في باب الشرط مَجْرى المضارع في علم الإِعراب، فإن فيه نكتةً، كأنه قيل: وودُّوا قبل كلِّ شيءٍ كُفْرَكم وارتدادَكم، يعني: أنهم يريدون أن يُلْحِقوا بكم مَضارَّ الدنيا والآخرةِ جميعاً". والثاني: أنه معطوفٌ على جملةِ الشرط والجزاء، ويكون تعالى قد أخبر بخبَرَيْن: بما تَضَمَّنَتْه الجملةُ الشرطيةُ، وبودادتهم كُفْرَ المؤمنين. وجعل الشيخُ هذا راجحاً، وأسقط به سؤالَ الزمخشريِّ وجوابَه فقال: "وكان الزمخشريُّ فَهِمَ مِنْ قولِه: "وَوَدُّوا" أنه معطوفٌ على جوابِ الشرطِ. والذي يظهرُ أنه ليس معطوفاً عليه لأنَّ / ودادتَهم كفرَهم ليسَتْ مترتبةً على الظفر بهم والتسليطِ عليهم، بل هم وادُّون كفرَهم على كلِّ حالٍ، سواءً ظَفِروا بهم أم لم يظفروا بهم". انتهى.
قلت: والظاهرُ أنه عطفٌ على الجواب. وقوله: هم وادُّون ذلك مُطلقاً مُسَلَّمٌ، ولكن ودادتَهم له عند الظفرِ والتسليطِ أقربُ وأطمعُ لهم فيه.
وقوله: ﴿لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ يجوزُ أَنْ يتكونَ لما سيقعُ لوقوع [غيرِه]، وأَنْ تكونَ المصدريةَ عند مَنْ يرى ذلك، وقد تقدَّم تحريرهما في البقرة.
* ﴿ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾
قوله: ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾: يجوز فيه وجهان، أحدهما: أَنْ يتعلَّقَ بما قبلَه أي: لن ينفعَكم يومَ القيامة فَيُوقَفُ عليه ويُبْتدأ "يَفْصِلُ بينكم". والثاني: أَنْ يتعلَّقُ بما بعده أي: يَفْصِلُ بينكم يومَ القيامة، فيوقف على "أولادكم" ويُبتدأ "يوم القيامة".
(١٣/٣٧٨)


الصفحة التالية
Icon