قوله: ﴿فِيا إِبْرَاهِيمَ﴾: فيه أوجهٌ، أحدها: أنه متعلقٌ بـ"أُسوة" تقول: "لي أُسْوَة في فلان". وقد منع أبو البقاء أَنْ يتعلَّقَ بها. قال: "لأنها قد وُصِفَتْ" وهذا لا يُبالى به لأنه يُغتفر في الظرفِ ما لا يُغتَفر في غيره. الثاني: أنه متعلق بحسنة تعلُّقَ الظرفِ بالعامل. الثالث: أنَّه نعتٌ ثانٍ لأُسْوَة. الرابع: أنه حالٌ من الضمير المستترِ في "حسنةٌ". الخامس: أن يكونَ خبرَ كان، و "لكم" تبيينٌ. وقد تقدَّم لك قراءتا "أسْوة" في الأحزاب، والكلامُ على مادتِها.
قوله: ﴿إِذْ قَالُواْ﴾ فيه وجهان،: أحدهما: أنَّه خبرُ كان. والثاني: أنه متعلقٌ بخبرها، قالهما أبو البقاء. ومَنْ جَوَّزَ في "كان" أَنْ تعملَ في الظرف عَلَّقه بها.
قوله: ﴿بُرَءآؤاْ﴾ هذه قراءةُ العامَّةِ بضمِّ الباءِ وفتح الراءِ وألفٍ بين همزتَيْن، جمعَ بريء، نحو: كُرَماء في جمع كريم. وَعيسى الهمذاني بكسرِ الباء وهمزةٍ واحدةٍ بعد ألف نحو: كرام في جميع كريم. وعيسى أيضاً، وأبو جعفر، بضم الباءِ وهمزةٍ بعد ألف. وفيه أوجهٌ، أحدُها: أنه جمعُ بَرِيْء أيضاً، والأصلُ كسرُ الباء، وإنما أبدل من الكسرةِ ضمةً، كـ رُخال ورُباب قاله الزمخشري. الثاني: أنه جمع أيضاً لـ بَرِيء، وأصلُه برَآء كالقراءةِ المشهورة، إلاَّ أنه حَذَفَ الهمزة الولى تخفيفاً، قاله أبو البقاء. الثالث: أنه اسمُ جمعٍ لـ بريء نحو: تُؤَام وظُؤَار اسءمَيْ جمعٍ لتَوْءَم وظِئْر. وقرأ عيسى أيضاً: "بَراء" بفتح الباء. وهمزة بعد ألف كالتي في الزمخرف، وصَحَّ ذلك لأنه مصدرٌ والمصدرُ يقع على الجمع كوقوعِه على الواحد. قال الزمخشري: "والبَراء والبراءةُ كالظَّماء والظَّماءة". وقال مكي: "وأجاز أبو عمروٍ وعيسى ابن عمر "بِراء" بكسر الباء جعله ككريم وكِرام. وأجاز الفراء "بَراء" بفتح الباء" ثم قال: "وبَراء في الأصلِ مصدرٌ" كأنه لم يَطَّلِعْ عليها قراءةً منقولةً.
(١٣/٣٨٠)
---


الصفحة التالية
Icon