ثم قال: "وأَسْند إلى "أَنْ تقولوا" ونَصَبَ "مَقْتاً" على تفسيره دلالةً على أنَّ قولَهم ما لا يفعلون مَقْتٌ خالِصٌ لا شَوْبَ فيه". الثالث: أنَّ كَبُرَ ليس للتعجبِ ولا للذَّمِِّ، بل هو مُسْنَدٌ إلى "أَنْ تقولوا" و "مَقْتاً" تمييزٌ محولٌ من الفاعلية. والأصل: كَبَُ مَقْتُ أَنْ يقولوا أي: مَقْتُ قَوْلِكم. ويجوز أن يكونَ الفاعلُ مضمراً عائداً على المصدرِ المفهومِ مِنْ قولِه: "لِم تقولونَ" أي: كَبُر هو أي: القولُ مَقْتاً، و "أَنْ تقولوا" على هذا: إما يدلٌ من ذلك الضميرِ، أو خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: هو أن تقولوا. وقرأ زيد بن علي "يُقاتَلون" بفتح التاءِ على ما لم يُسَمَّ فاعلُه. وقُرِىء "يُقَتَّلون" بالتشديد.
* ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ﴾
قوله: ﴿صَفّاً﴾: نصبٌ على الحال أي: صافِّين، أو مَصْفُوفين.
قوله: ﴿كَأَنَّهُم﴾ يجوزَ أَنْ يكونَ حالاً ثانيةً مِنْ فاعل "يُقاتِلون"، وأنْ يكونَ حالاً من الضمير في "صَفّاً"، قاله الحوفيُّ: وعاد الضميرُ على "صَفّاً" جمعاً لأنه جمعٌ في المعنى كقولِه: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ﴾. وقيل: هو من الضتامِّ، مِنْ تراصِّ الأسنان. وقال الراعي:
٤٢٥٧ - ما لَقِيَ البيضُ من الحُرْقوصِ * يَفْتَحُ بابَ المُغْلَقِ المَرْصوصِ
* ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ ياقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوااْ أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾
قوله: و ﴿وَقَد تَّعْلَمُونَ﴾: جملةٌ حالية.
(١٣/٣٨٩)
---