وتقدَّم في آل عمران تَعَدَّى "أَنْصَاري" بـ"إلى"، واختلافُ الناسِ في ذلك. وقال الزمخشري هنا: "فإنْ قلتَ: ما معنى قولِه: ﴿مَنْ أَنَّصَارِيا إِلَى اللَّهِ﴾ قلت: يجبُ أَنْ يكونَ معناه مطابقاً لجوابِ الحواريين: نحن أنصارُ الله. والذي يطابِقُه أَنْ يكونَ المعنى: مَنْ جُنْدِيٌّ متوجِّهاً إلى نصرةِ الله؟ وإضافةُ "أَنْصاري" خلافُ إضافةِ "أنصار الله"؛ فإنَّ معنى "نحن أنصارُ الله": نحن الذين يَنْصُرون الله، ومعنى "مَنْ أنصاري": مَنْ الأنصارُ الذين يختصُّون بي، ويكونون معي في نُصْرَةِ اللَّهِ. ولا يَصِحُّ أَنْ يكونَ معناه مَنْ يَنْصُرني مع الله؛ لأنه لا يطابِقُ الجوابَ، والدليل عليه قراءةُ مَنْ قرأ "أنصارَ الله" انتهى. قلت: يعني أنَّ بعضَهم يَدَّعي أنَّ "إلى" بمعنى مع أي: مَنْ أنصاري مع الله؟ وقولُه: "قراءةُ مَنْ قرأ أنصارَ الله" أي: لو كانت بمعنى "مع" لَما صَحَّ سُقوطُها في هذه القراءةِ. وهذا غيرُ لازمٍ؛ لأنَّ كلَّ قراءةٍ لها معنىً يَخُصُّها، إلاَّ أن الأَوْلَى توافُقُ القراءتَيْن.
قوله: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَى عَدُوِّهِمْ﴾ مِنْ إيقاع الظاهرِ موقعَ المضمرِ فيهما، تَنْبيهاً على عداوةِ الكافرِ للمؤمن؛ إذ الأصلُ: فأيَّدْناهم عليهم، أي: أيَّدْنا المؤمنين على الكافرين من الطائفتَيْن المذكورتَيْن.