(١٣/٤٠٠)
---
وقوله ﴿فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ﴾ جوابُ الشرطِ. والعامَّةُ بضمِّ الواوِ، وهو الأصلُ في واو الضميرِ. وابن السَّمَيْفع وابن يعمر وابن أبي إسحاق بكسرها، وهو أصلُ التقاءِ الساكنين. وابن السَّميفع أيضاً بفتحها، وهذا طَلَبٌ للتخفيف، وتقدَّم نحوُه في قولِه ﴿اشْتَرُواْ الضَّلاَلَةَ﴾ وحكى الكسائيُّ إبدالَ الواوِ همزةً.
* ﴿ وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾
قوله: ﴿وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ﴾: وقال في البقرة "ولن يتمنَّوْه" قال الزمشخري: "لا فرقَ بين "لا" و "لن" في أنَّ كلَّ واحدٍ منهما نفيٌ للمستقبل، إلاَّ أنَّ في "لن" تأكيداً وتشديداً ليس في "لا"، فأتى مرةً بلفظ التأكيد "ولن يتمنَّوْه"، ومرةً بغير لفظِه "ولا يتمنَّوْنه". قال الشيخ: "وهذا رجوعٌ منه عن مذهبِه: وهو أنَّ "لن" تَقْتَضي النفي على التأبيد إلى مذهبِ الجماعة وهو أنَّها لا تَقْتَضْيه" قلت: وليس فيه رجوعٌ، غايةُ مافيه أنه سكَتَ عنه، وتشريكُه بين "لا" و "لن" في نفي المستقبل لا يَنْفي اختصاصَ "لن" بمعنى آخرَ. وقد تقدَّم الكلامُ على هذا بأشبعَ منه هنا في البقرة.
* ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
(١٣/٤٠١)
---