قوله: ﴿لِعِدَّتِهِنَّ﴾ قال الزمخشري: "مُسْتَقْبِلاتٍ لِعِدَّتهن، كقولِك: "أتيتُه لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ من المحرَّم"، أي: مُسْتقبلاً لها، وفي قراءةِ رسولِ الله ﷺ ﴿من قُبُل عِدَّتِهِنَّ﴾ انتهى. وناشقه الشيخ في تقديره الحالَ التي تَعلَّق بها الجارُّ كوناً خاصاً. وقال: "الجارُّ إذا وقع حالاً إنما يتعلَّق بكونٍ مطلقٍ" وفي مناقَشَتِه نظرٌ لأنَّ الزمخشري لم يَجْعَل الجارَّ حالاً بل جَعَلَه متعلِّقَاً بمحذوف دَلَّ عليه معنى الكلامِ. وقال أبو البقاء: "لِعِدَّتِهِنَّ، أي: عند أول ما يُعْتَدُّ لهنَّ به، وهُنَّ في قُبُل الطُّهْر" وهذا منه تفسيرُ معنى لا تفسيرُ إعرابٍ. وقال الشيخ: "هو على حَذْفِ مضاف، أي: لاستقبالٍ عِدَّتِهِن، واللامُ للتوقيت نحو: لَقِيْتُه لِلَيْلَةٍ بَقِيْتَ مِنْ شهرِ كذا" انتهى. فعلى هذا تتعلَّقُ اللامُ بـ"طَلِّقُوهن".
قولِه: ﴿لَعَلَّ اللَّهَ﴾ هذه الجملةُ مستأنفةٌ لا تعلُّقَ بما لها بما قبلَها؛ لأنَّ النحاةَ لم يَعُدُّوها في المُعلِّقات. وقد جَعَلَها الشيخ. مِمَّا يَنْبغي أَنْ يُعَدَّ فيهنَّ، وقَرَّر ذلك في قوله: ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ﴾ فهناك يُطْلَبُ تحريرُه.
* ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ﴾
وقرأ العامَّةُ: ﴿أَجَلَهُنَّ﴾: لأنَّ الأجلَ - من حيث هو - واحدٌ وإنْ اختلفَتْ أنواعُهُ بالنسبةِ إلى المعتدَّات. والضحاك وابن سيرين "آجالَهُنَّ" جمع تكسير، اعتباراً بأنَّ أَجَلَ هذه غيرُ أجلِ تَيْكَ.
(١٤/١٢)
---