* ﴿ إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ﴾
قوله: ﴿إِن تَتُوبَآ﴾: شرطٌ وفي جوابِه وجهان، أحدهما: هو قولُه "فقد صَغَتْ" والمعنى: إن تتوبا فقد وُجِدَ منكم ما يُوْجِبُ التوبةَ، وهو مَيْلُ قلوبِكما عن الواجبِ في مخالفةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حُبِّ ما يُحِبُّه وكراهةِ / ما يكرهه. وصَغَتْ: مالَتْ، ويَدُلُّ له قراءةُ ابنِ مسعودٍ "فقد راغَتْ". والثاني: أن الجوابَ محذوفٌ تقديرُه: فذلك واجبٌ عليكما، أو فتابَ اللَّهُ عليكما، قاله أبو البقاء. وقال: "ودَلَّ على المحذوفِ فقد صَغَتْ؛ لأن إصغاءَ القلبِ إلى ذلك ذنبٌ". وهذا الذي قاله لا حاجةَ إليه، وكأَنَّه زَعَمَ أنَّ مَيْلَ القلبِ ذنبٌ فكيف يَحْسُنُ أَنْ يكونَ جواباً؟ وغَفَلَ عن المعنى الذي ذكرْتُه في صحةِ كَوْنِه جواباً. و "قلوبُكما" مِنْ أفصحِ الكلامِ حيث أوق الجمعَ موقعَ المثنى، استثقالاً لمجيءِ تثنيتَيْن لو قيل: قلباكما. وقد تقدَّم تحريرُ هذا في آيةِ السَّرِقةِ في المائدة، وشروطُ المسألةِ وما اختلف الناس فيه. و مِنْ مجيءِ التثنيةِ قولُه:
٤٢٧٨ - فتخالَسا نَفْسَْهما بنوافِذٍ * كنوافِذِ العُبْطِ التي لا تُرْقَعُ
والأحسنُ في هذا البابِ الجمعُ، ثم الإِفرادُ، ثم التثنيةُ، وقال ابن عصفور: "لا يجوز الإِفراد إلاَّ في ضرورة كقوله:
٤٢٧٩ - حمامةَ بَطْنِ الواديَيْنِ تَرَنَّمي * سَقاكِ مِنْ الغُرِّ الغوادِي مَطيرُها
وتبعه الشيخُ، وغلَّط ابنَ مالك في كونِه جَعَلَه أحسن من التثنيةِ. وليس بغلطٍ للعلة التي ذكرها، وهي كراهةُ تاوالي تثنيتَيْن مع أَمْنِ اللَّبْس.
(١٤/٢٣)
---


الصفحة التالية
Icon