وقوله: ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الظاهرُ أنه مفردٌ، ولذلك كُتب بالحاء دونَ واوِ الجمع. وجَوَّزوا أن يكونَ جمعاً بالواو والنون، حُذِفَتْ النونُ للإضافة، وكُتِبَ دون واوٍ اعتباراً بلفظه لأنَّ الواوَ ساقطةٌ لالتقاء الساكنين نحن: ﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ﴾ و ﴿يَدْعُ الدَّاعِ﴾ ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ إلى غيرِ ذلك، ومثل هذا ما جاء في الحديثِ: "أهلُ القرن أهلُ الله وخاصَّتُه" قالوا: يجوز أن يكونَ مفرداً، وأن يكونَ جمعاً كقولِه: ﴿شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا﴾ وحُذِفَتِ الواوُ لالتقاء الساكنين لفظاً، فإذا كُتِب هذا فالأحسنُ أَنْ يُكتبَ بالواوِ لهذا الغرضِ، وليس ثَمَّ ضرورةٌ لحَذْفِها كما مَرَّ في مرسوم الخط.
وجَوَّزَ أبو البقاء في "جبريلُ" أن يكونَ معطوفاً على الضمير في "مَوْلاه" يعني المستتَر، وحينئذ يكون الفصلُ بالضميرِ المجرورِ كافياً في تجويزِ العطفِ عليه. وجوَّز أيضاً أَنْ يكونَ مبتدأ و "صالحُ" عطفٌ عليه والخبرُ محذوفٌ أي: مَواليه.
* ﴿ عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً ﴾
قوله: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ﴾: شرطٌ معترضٌ بين اسم عَسَى وخبرِها، وجوابُه محذوفٌ أو متقدمٌ / أي: إنْ طَلَّقَكُنْ فعسَى. وأدغم أبو عمروٍ القافَ في الكاف على رأيِ بعضِهم قال: "وهو أَوْلَى مِنْ "يَرْزْقكم" ونحوِه لِثِقَلِ التأنيث".
"مُسْلماتٍ" إلى آخره: إمَّا نعتٌ أو حالٌ أو منصوبٌ على الاختصاص، وتقدَّمَتْ قراءتا ﴿يُبْدِلَهُ﴾ تخفيفاً وتشديداً في الكهف. وقرأ عمرو بن فائد "سَيِّحاتٍ"، وإنما وُسِّطَتِ الواوُ بين "ثَيِّبات وأَبْكاراً" لتنافي الوصفَيْن دون سائر الصفات. وثَيِّبات ونحوه لا ينقاسُ لأنه اسمُ جنسٍ مؤنثٍ فلا يُقال: نساء خَوْدات، ولا رأيت عِيْنات.