وقرأ بعضُهم "وأَهْلوكم" وخُرِّجَتْ على العطفِ على الضمير المرفوع بـ"قُوا" وجَوَّزَ ذلك الفصلُ بالمفعولِ. قال الزمخشري - بعد ذِكْرِهِ القراءةَ وتخريجَها -: "فإنْ قلتَ: أليس التقديرُ: قُو أنفسَكم، ولْيَقِ أَهْلوكم أنفسكم؟ قلت: لا. ولكن المعطوفَ في التقديرِ مقارنٌ للواو، و "أنفسَكم" واقعٌ بعده كأنَّه قيل: قُو أنتم وأهلوكم أنفسَكم لمَّا جَمعْتَ مع المخاطبِ الغائبَ غَلَّبْته [عليه] فجعَلْتَ ضميرَهما معاً على لفظِ المخاطبِ". وتقدَّم الخلافُ في واو "وقود" ضماً وفتحاً في البقرة.
قوله: ﴿مَآ أَمَرَهُمْ﴾ يجوز أَنْ تكونَ "ما" بمعنى الذي، والعائدُ محذوفٌ أي ما أَمَرَهموه، والأصلُ: به. لا يُقال: كيف حَذَفَ العائدَ المجرورَ ولم يَجُرَّ الموصولَ بمثله؟ لأنه يَطَّردُ حَذْفُ هذا الحرفِ فلم يُحْذَفْ إلاَّ منصوباً، وأن تكونَ مصدريةً، ويكونَ مَحَلُّها بدلاً من اسمِ الله بدلَ اشتمالٍ، كأنه قيل: لا يَعْصُون أَمْرَه.
وقوله: ﴿وَيَفْعَلُونَ﴾ قال الزمخشري: "فإنْ قلتَ: أليسَتْ الجملتان في معنى واحدٍ؟ قلت: لا؛ لأن الأولى معناها: أنهم يتقبَّلون أوامرَه ويلتزمونها، والثانيةَ معناها: أنهم يُؤَدُّون ما يؤمرون به، لا يتثاقلون عنه ولا يَتَوانَوْن فيه".
* ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوااْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
(١٤/٢٧)
---