أي: قاصدٌ في أَسْوُقِها وجائر" انتهى، هو مثلُه في عطفِ الفعلِ على اسمٍ، إلاَّ أنَّ الاسمَ فيه مؤولٌ بالفعلِ عكسَ هذه الآيةِ. ومفعولُ "يَقْبَضْنَ" محذوفٌ أي: ويَقْبِضْنِ أجنحتَهُنَّ، قاله أبو البقاء ولم يُقَدِّرْ لـ"صافَّاتٍ" مفعولاً كأنه زَعَمَ أنَّ الاصطفافَ في أنفسِها أي: مصطفَّةً. والظاهرُ أنَّ المعنى: صافَّاتٍ أجنحتَها وقابضَتَها، فالصَّفُّ والقَبْضُ منها لأجنحتِها.
وكذلك قال الزمخشريُّ: "صافَّاتٍ باسِطاتٍ أجنحتَهن" ثم قلا: "فإنْ قلتَ لِمَ قال: ويقبضْنَ ولم يَقُلْ: وقابضاتٍ؟ قلت: لأنَّ الطيرانَ هو صَفُّ الأجنحةِ؛ لأنَّ الطيرانَ في الهواءِ كالسِّباحةِ في الماءِ، والأصلُ في السباحةِ مَدُّ الأطرافِ وبَسْطُها، وأمَّا القَبْضُ فطارِىءٌ على البَسْطِ للاستظهارِ به على التحرُّكِ، فجيء بما هو طارِىءٌ غيرُ أصلٍ بلفظِ الفعلِ على معنى أنَّهن صافاتٌ، ويكونُ منهنَّ القَبْضُ تارةً بعد تارةً، كما يكون من السَّابح".
قوله: ﴿مَا يُمْسِكُهُنَّ﴾ يجوزُ أَنْ تكونَ الجملةُ مستأنفةً، وأن تكونَ حالاً من الضمير في "يَقْبَضْنَ" قاله أبو البقاء، والأولُ هو الظاهرُ. وقرأ الزهري بتشديدِ السينِ.
* ﴿ أَمَّنْ هَاذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مِّن دُونِ الرَّحْمَانِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ ﴾
قوله: ﴿أَمَّن﴾: العامَّةُ بتشديد الميمِ على إدغامِ ميم "أم"في ميم "مَنْ"، و "أم" بمعنى بل؛ لأنَّ بعدها اسمَ استفهامٍ، وهو مبتدأٌ، خبرُه اسمُ الإِشارة. وقرأ طلحة بتخفيفِ الأولِ وتثقيل الثاني قال أبو الفضل: "معناه أهذا الذي هو جندٌ لكم أم الذي يَرْزُقكم". و "يَنْصُرُكم" صفةٌ لجند.
* ﴿ أَمَّنْ هَاذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ﴾
(١٤/٤٣)
---


الصفحة التالية
Icon