قوله: ﴿رَأَوْهُ﴾: أي: الموعودَ أو العذابَ زُلْفَةً أي: قريباً، فو حالٌ ولا بُدَّ مِن حَذْلإِ مضافٍ أي: ذا زُلْفَةٍ، أو جُعِل نفسَ الزُّلْفَةِ مبالغةً. وقيل: "زُلْفَةً" تقديرُه: مكاناً ذا زُلْفَةٍ فينتصِبُ انتصابَ المصدرِ.
قوله: ﴿سِيئَتْ﴾ الأصلُ: ساء أي: أحزنُ وجوهَهم العذابُ ورؤيتُه. ثم بُنِي للمفعول. و "ساء" هنا ليسَتْ المرادِفَةَ لـ"بِئْسَ" كما عَرَفْتَه فميا تقدَّم غيرَ مرةٍ. وأَشَمَّ كسرةَ السين الضمَّ نافعٌ وابنُ عامرٍ والكسائيُ، كما فعلوا ذلك في ﴿سِياءَ بِهِمْ﴾ في هود، وقد تقدَّم، والباقون بإخلاص الكسرِ، وقد تقدَّم في أولِ البقرةِ تحقيقُ هذا وتصريفُه، وأنَّ فيه لغاتٍ، عند قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ﴾ قوله: ﴿تَدَّعُونَ﴾ العامَّةُ على تشديدِ الدالِ مفتوحةً. فقيل: من الدَّعْوى أي: تَدَّعُون أنه لا جنةَ ولا نارَ، قاله الحسن. وقيل: من الدعاءِ أي: تَطْلبونه وتستعجلونه. وقرأ الحسن وقتادة وأبو رجاء والضحاك ويعقوبُ وأبو زيدٍ وابنُ أبي عبلةَ ونافعٌ في روايةِ الأصمعيِّ بسكونِ الدالِ، وهي مؤيِّدَةٌ للقولِ: إنَّها من الدعاء في قراءةِ العامَّة.
* ﴿ قُلْ هُوَ الرَّحْمَانُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾
قوله: ﴿آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ﴾: تقدَّم: لِمَ أُخِّر متعلَّقُ الإِيمانِ، وقُدِّمَ مُتَعَلَّقُ التوكلِ؟ وأنَّ التقديمَ يُفيدُ الاختصاصَ. وقرأ الكسائيُّ "فسيَعْلمون" بياءِ الغَيْبة نظراً إلى قَولِه: "الكافرين". والباقون بالخطاب: إمَّا على الوعيدِ، وإمَّا على الالتفاتِ من الغَيْبة المرادةِ في قراءةِ الكسائيِّ.
* ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ ﴾
(١٤/٤٦)
قوله: ﴿غَوْراً﴾: خبرُ "أصبح" وجَوَّز أبو البقاء أَنْ يكونَ حالاً على تمامِ "أصبح"، ولكنه استبعَده، وحكى أنه قُرىء "غُؤْوْراً" بضم الغينِ وهمزةٍ مضمومةٍ، ثم واوٍ ساكنةٍ على فُعُول، وجَعَلَ الهمزةَ منقبلةَ عن واوٍ مضمومةٍ.