قوله: ﴿وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ "ما" موصولةٌ اسميةٌ أو حرفية، أي: والذي يَسْطُرونه مِنَ الكُتُب، وهم: الكُتَّابُ أو الحَفَظُة من الملائكة وسَطْرِهم. والضميرُ عائدٌ على مَنْ يُسَطِّرُ لدلالةِ السياقِ عليه. ولذِكْرِ الآلةِ المُكْتَتَبِ به. وقال الزمخشري: "ويجوزُ أَنْ يُرادَ بالقلمِ أصحابُه، فيكون الضميرُ في "يَسْطُرون" لهم يعني فيصيرُ كقولِه: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ﴾ تقديرُه: أو كذي ظُلُماتٍ، فالضميرُ في "يَغْشاه" يعود على "ذي" المحذوف.
* ﴿ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ﴾
قوله: ﴿بِنِعْمَةِ رَبِّكَ﴾: قد تقدَّم نظيرُ هذا في الطور في قولِه ﴿فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ﴾ وتقدَّم تحقيقُه. إلاَّ أن الزمخشريَّ قال هنا: "فإنْ قلتَ: بِمَ تتعلَّقُ الباءُ في "بنعمة ربك" وما محلُّه؟ قلت: تتعلَّق بمجنون منفياً، كما تتعلَّقُ بعاقل مثبتاً كقولك: "أنت بنعمةِ اللِّهِ عاقلٌ"، مستوياً في ذلك الإِثباتُ والنفيُ استواءَهما في قولِك: "ضَرَبَ زيدٌ عَمْراً" و "ما ضَرَبَ زيدٌ عمراً" تُعْمِلُ الفعلَ منفياً ومثبتاً إعمالاً واحداً. ومحلُّه النصبُ على الحالِ، كأنه قال: ما أنت مجنونٌ مُنْعِماً عليكَ بذلك، ولم تَمْنَع الباءُ أَنْ يعملَ "مجنون" فيما قبلَه لأنها زائدةٌ لتأكيدِ النفي".
(١٤/٤٩)
---