وقرأ الزُّهريُّ والعَتكِيُّ وطلحة والحسن "الخاطِيُون" بياءٍ مضمومةٍ بدلَ الهمزة. وقد تقدَّم مثلُه في "مُسْتَهْزِيُون" أولَ هذا الموضع. وقرأ نافعٌ في روايةٍ، وشيخُه وشَيْبَةُ بطاءٍ مضمومةٍ دونَ همزِ. وفيها وجهان، أحدُهما: أنَّه كقراءةِ الجماعةِ، إلاَّ أنه خُفِّفَ بالحَذْفِ. والثاني: أنه اسمُ فاعلِ مِن خطأ يخطو إذا اتَّبع خطواتِ غيرِه. فيكونُ مِنْ قولِه: ﴿لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ قاله الزمخشري، وقد مَرَّ في أول هذا الموضوع أنَّ نافعاً يَقْرأ "الصابِييْنَ" بدونِ همزٍ، وتقدَّم ما نَقَلَ الناسُ فيها، وعن ابن عباس: ما الخاطُون كلُّنا نَخْطُو. ورَوى عنه أبو الأسودِ الدؤليُّ: "ما الخاطُون"، إنما هو الخاطئُون وما الصابُون، إنما هو الصابِئُون".
* ﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ﴾
وقوله: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ﴾: قد تقدَّم مثلُه في آخرِ الواقعة، وأَشْبَعَتُ القولَ ثَمَّةَ إلاَّ أنَّه قيل ههنا: إنَّ "لا" نافيةٌ لفعلِ القسم، وكأنَّه قيل: لا أَحْتاجُ أَنْ أُقْسَمَ على هذا؛ لأنه حقٌّ ظاهرٌ مُسْتَغْنٍ عن القسمِ، ولو قيل به في الواقعة لكان حَسَناً.
* ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾
قوله: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ﴾: هو جواب القسمِ.
* ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ ﴾
قوله: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ ﴾: معطوفٌ على الجوابِ فهو جواب. أَقْسَمَ على شيئين، أحدُهما مُثْبَتٌ، والآخرُ منفيٌّ وهو من البلاغةِ الرائعة.
(١٤/٨٠)
---


الصفحة التالية
Icon