---
أي: وإنْ لا تُطَلِّقْها يَعْلُ، حَذَفَ الشرطَ وأبقى الجوابَ. وفي هذا الجوهِ ضَعْفٌ من وجهَيْن، أحدهما: أنَّ حَذْفَ الشرطِ دونَ أداتِه قليلٌ جداً. والثاني: أنَّه حُذِفَ الجزآن معاً أعني الشرطَ والجزاءَ، فيكونُ كقولِه:
٤٣٦١ - قالَتْ بناتُ العَمِّ يا سَلْمى وإنْ * كان فقيراً مُعْدَماً قالت: وإِنْ
أي: قالَتْ: وإنْ كان فقيراً فقد رَضِيْتُه. وقد يُقال: إنَّ الجوابَ إمَّا مذكورٌ عند من يرى جوازَ تقديمِه، وإمَّا في قوةِ المنطوق به لدلالةِ ما قبلَه عليه.
قوله: ﴿مِّنَ اللَّهِ﴾ فيه وجهان، أحدهما: أنَّ "مِنْ" بمعنى عَنْ؛ لأنَّ بَلِّغ يتعدَّى بها، ومنه قولُه عليه السلام: "ألا بَلِّغوا عني". والثاني: نَّه متعلِّقٌ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لـ"بلاغ". قال الزمخشري: "مِن" ليسَتْ صلةً للتبليغ، إنما هي بمنزلةِ "مِنْ" في قوله: ﴿بَرَآءَةٌ مِّنَ اللَّهِ﴾ بمعنى: بلاغاً كائناً من الله".
قوله: ﴿وَرِسَالاَتِهِ﴾ فيه وجهان، أحدُهما: أنها منصوبةٌ نَسَقاً على "بلاغاً" كأنه قيل: لا أَمْلِكُ لكم إلاَّ التبليغَ والرسالاتِ، ولم يَقُلِ الزمخشريُّ غيرَه. والثاني: أنها مجرورةٌ نَسَقاً على الجلالةِ أي: إلاَّ بلاغاً / عن اللَّهِ وعن رسالاتِه، كذا قَدَّره الشيخُ. وجَعَلَه هو الظاهرَ. وتجوَّز في جَعْلِه "مِنْ" بمعنى عن، والتجوُّزُ في الحروفِ رأيٌ كوفيٌّ، ومع ذلك فغيرُ منقاسٍ عندَهم.
(١٤/١٢٨)
---


الصفحة التالية
Icon