الثاني: أن ينتصِبَ بما دَلَّ عليه قولُه: ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾. قال الزمخشري: "فإنْ قلت: بم انتصَبَ "إذا"، وكيف صَحَّ أَنْ يقع "يومئذٍ" ظرفاً لـ"يومٌ عَسير"؟ قلت: انتصَبَ "إذا" بما دَلَّ عليه الجزاءُ؛ لأنَّ المعنى: فإذا نُقِر في النَّاقور عَسُرَ الأمرُ على الكافرين. والذي أجاز وقوعَ يومئذٍ ظرفاٍ لـ"يومٌ عسيرٌ" أنَّ المعنى: فذلك يومَ النَّقْرِ وقوعُ يوم عسيرٍ؛ لأنَّ يومَ القيامةِ يقعُ ويأتي حين يُنْقَرُ في الناقور" انتهى. ولا يجوزُ أَنْ يعملَ فهي نفسُ "عَسير"؛ لأنَّ الصفةَ لا تعملُ فيما قبلَ موصوفِها عند البصريي؛ ولذلك رُدَّ على الزمخشريِّ قولُه: إنَّ في أنفسِهم" متعلِّق بـ"بلغياً" في قولِه تعالى في سورةِ النساءِ ﴿وَقُل لَّهُمْ فِيا أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً﴾. والكوفيون يُجَوَّزون ذلك وتقدَّم تحريرُه.
الثالث: أَنْ ينتصِبَ بما دَلَّ عليه "فذلك" لأنه إشارةٌ إلى النَّقْر، قاله أبو البقاء. ثم قال: "ويومَئذٍ بدلٌ مِنْ "إذا" و "ذلك مبتدأٌ" والخبرُ "يومٌ عسيرٌ" أي: نُقِر يوم. الرابع: أَنْ يكونَ "إذا" مبتدأً، و "فذلك" خبرُه. والفاءُ مزيدةٌ فيه، وهو رأيُ الأخفشِ.
وأمَّا "يومَئِذٍ" ففيه أوجهٌ، أحدها: أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ "إذا" وقد تقدَّم ذلك في الوجهِ الثالث. والثاني: أَنْ يكونَ ظرفاً لـ"يومٌ عسيرٌ" كما تقدَّم في الوجهِ الثالث: أَنْ يكونَ ظرفاً لـ"ذلك" لأنَّه مُشارٌ به إلى النَّقْر. الرابع: أنَّه بدلٌ مِنْ "فذلك"، ولكنه مبنيٌّ لإِضافتِه إلى غيرِ متمكِّنٍ. الخامس: أَنْ يكونَ مبتدأً "ويومٌ عسيرٌ" خبرَه، والجملةُ خبرَ "فذلك".
* ﴿ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾
(١٤/١٥٩)
---


الصفحة التالية
Icon