والنَّاقُور: فاعُوْل منه كالجاسوسِ مِنَ التَجَسُّسِ، وهو الشيءُ المُصوَّتُ فيه: وفي التفسير: إنَّه الصُّورُ الذي يَنْفَخُ فيه المَلَكُ. والنَّقْرُ أيضاً: قَرْعُ الشيءِ الصُّلْبِ. والمِنْقارُ: الحَديدةُ التي يُنْقَرُ بها. ونَقَرْتُ عنه: بَحَثْتُ عن أخبارِه، استعارةً من ذلك. ونَقَرْتُه: أَعبْتُه، ومنه قولُ امرأةٍ لزَوْجِها: "مُرَّ بي على بني نَظَرٍ، ولا تَمرَّ بي على بناتِ نَقَرٍ" أرادت ببنين نَظَرٍ الرجالُ؛ لأنهم ينظرون إليها، وببنات نَقَرٍ النساءَ لأنهنَّ يُعِبْنها ويَنْقُرْنَ عن أحوالِها.
* ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾
قوله: ﴿وَمَنْ خَلَقْتُ﴾: كقولِه: ﴿وَالْمُكَذِّبِينَ﴾ في الوجهَيْنِ المتقدمَيْنِ في السورةِ قبلها.
قولِه: ﴿وَحِيداً﴾ فيه أوجه، أحدها: أنه حالٌ من الياء في "ذَرْني" أي: ذَرْنِي وَحْدي معه فأنا أَكْفِيْكَ في الانتقام منه. الثاني: أنه حالٌ مِنَ التاء في "خَلَقْتُ" أي: خَلَقْتُه وَحْدي لم يُشْرِكْني في خَلْقِه أحدٌ، فأنا أَمْلِكُه. الثالث: أنَّه حالٌ مِنْ "مَنْ". أن ينتصِبَ على الذمِّ. و "وحيد" كان لَقَباً للوليدِ بن المُغِيرة. ومعنى "وحيداً": ذليلاً قليلاً. وقيل: كان يَزْعُمُ أنه وحيدٌ في فَضْلِه ومالِه. وليس في ذلك ما يَقْتَضي صِدْقَ مقالتِه؛ لنَّ هذا لَقَبٌ له شُهِر به، وقد يُلَقَّبُ الإِنسانُ بما لا يَتَّصِفُ به، وإذا كان لَقَباً تَعَيَّنَ نصبُه على الذمِّ.
* ﴿ كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً ﴾
قوله: ﴿إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً﴾: استئنافٌ، جوابٌ لسائلِ سأل: لِمَ لا يزدادُ مالاً؟ وما بالُه رُدِعَ عن طَمعِه في ذلك؟ فأُجيب بقولِه: ﴿إِنَّهُ كان لآيَتِنَا عَنِيداً﴾.
* ﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴾
قوله: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ﴾: يجوزُ أنْ يكونَ استئنافَ تعليلٍ لقولِه "سَأُرْهِقُه". ويجوزُ أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ ﴿إِنَّهُ كان لآيَتِنَا عَنِيداً﴾.


الصفحة التالية
Icon