وأدغم أبو عمروٍ "سَلَككم" وهو نظيرُ ﴿مَّنَاسِكَكُمْ﴾ وقد تقدَّم ذلك في البقرة. وقوله "ما سَلَكَكُم" يجوزُ أَنْ يكونَ على إضمار القولِن وذلك القولُ في موضع الحال، أي: يتساءَلون عنهم، قائلين لهم: ما سلككم؟ وقال الزمخشري: "فإنْ قلتَ: كيف طابَقَ قولُه "ما سلككُمْ" وهو سؤالُ المجرمين قولَ "يتساءَلون عن المجرمين" وهو سؤالٌ عنهم، وإنما كان يتطابق ذلك لو قيل: يتساءلون المجرمين ما سلككم؟ قلت: قولُه "ما سلككم" ليس ببيانٍ للتساؤلِ عنهم، وإنما هي حكايةُ قولِ المسؤولين عنهم؛ لأن المسؤولين يُلْقُون إلى السَّائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين فيقولون: قلنا لهم ما سلككم؟
* ﴿ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾
قوله: ﴿فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ﴾: كقولِه:
٤٣٩٧ - على لاحِبٍ لا يُهْتَدَى بمنارِه *................................
في أحدِ وجهَيْه، أي: لا شفاعةَ لهم، فلا انتفاعَ بها، وليس المرادُ أنَّ ثَمَّ شفاعةً غيرض نافعةٍ كقولِه: ﴿وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾
* ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ﴾
قوله: ﴿مُعْرِضِينَ﴾: حالٌ من الضمير في الجارِّ الواقع خبراً عن "ما" الاستفهاميةِ، وقد تقدَّم أنَّ مِثْلَ هذه الحالِ تُسَمَّى حالاً لازِمَةً وقد تقدَّم فيها بحثٌ حسنٌ. "وعن التذكرة" متعلِّقٌ به.
* ﴿ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ ﴾
قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ هذه الجملةُ يجوزُ أَنْ تكونَ حالاً من الضمير في الجارِّ، وتكون بدلاً مِنْ "مُعْرِضِيْنَ" قاله أبو البقاء، يعني أنَّها كالمشتملة عيلها، وأنْ تكونَ حالاً من الضميرِ في "مُعْرِضِين"، فتكونَ حالاً متداخلةً.
(١٤/١٧٣)
---