قوله: ﴿كِفَاتاً﴾: الكِفاتُ: اسمٌ للوِعاءِ الذي يُكْفَتُ فيه ي: يُجْمَعُ، قاله أبو عبيدة. يقال: كَفَتَه يَكْفِتُه أي: جَمَعَه وضَمَّه. وفي الحديث "اكْفِتُوا صِبْيانَكم" وقال الصمصامة بن الطِّرِمَّاح:
٤٤٥٧ - ونتَ اليوم فوقَ الأرضِ حَيّاً * وأنتَ غداً تَضُمُّك في كِفاتِ
وقيل: الكِفاتُ اسمُ لِمَا يَكْفِتُ كالضِّمام والجِماع. يقال: هذا البابُ جِماعُ الأبوابِ. وفي انتصابِه وجهان، أحدُهما: أنه مفعولٌ ثانٍ لـ"نَجْعَلْ" لأنَّها للتصيير. والثاني: أنَّه منصوبٌ على الحالِ من "الأرضَ"، والمفعولُ الثاني "أحياءً وأمواتاً" بمعنى: ألم نُصَيِّرْها / أحياءً بالنَّبات وأمواتاً بغير نباتٍ أي: بعضُها كذا، وبعضُها كذا. وقيل: كِفاتٌ جمعُ كافِتٍ كصِيامٍ وقِيامٍ في جمعِ صائمٍ وقائمٍ. وقيل: بل هو مصدرٌ كالكتابِ والحسابِ.
* ﴿ أَحْيَآءً وَأَمْواتاً ﴾
قوله: ﴿أَحْيَآءً﴾: فيه أوجهٌ، أحدها: أنَّه منصوبٌ بـ كِفات، قاله مكي، والزمخشريُّ وبدأ به، بعد أن جَعلَ "كِفاتاً" اسمَ ما يَكْفِتُ كقولِهم: الضِّمام والجِماع، هذا يمنعُ أَنْ يكونَ "كِفاتاً" ناصباً لـ"أحياءً" لأنه ليس من الأسماءِ العاملةِ، وكذلك إذا جَعَلْناه بمعنى الوِاء، على قول أبي عبيدةَ، فإنه لا يعملُ أيضاً، وقد نصَّ النحاةُ على أنَّ أسماءَ الأمكنةِ والأزمنةِ والآلات، وإنْ كانَتْ مشتقةً جاريةً على الأفعالِ لا تعملُ، نحو: مَرْمى ومِنْجل، وفي اسم المصدرِ خلافٌ مشهورٌ، ولكنْ إنما يتمشَّى نصبُهما بكِفات على قولِ أبي البقاء، فإنَّه لم يُجَوَّزْ إلاَّ أَنْ يكونَ جمعاً لاسمِ فاعلٍ، أو مصدراً، وكلاهما من الأسماءِ العاملة.
الوجه الثاني: أَنْ ينتصِبَ بفعلٍ مقدرٍ يَدُلُّ عليه "كِفات" أي: يَكْفِتُهم أحياءً على ظهرِها، وأمواتاً في بَطْنِها، وبه ثنَّى الزمخشري.
الثالث: أن يَنْتَصِبا على الحالِ من "الأرضَ" على حَذْفِ مضافٍ أي: ذاتَ أحياءٍ وأموات.
(١٤/٢٣٣)
---


الصفحة التالية
Icon