قوله: ﴿لِّلطَّاغِينَ﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ صفةً لِمْرصاداً، وأنْ يكونَ حالاً مِنْ "مآباً" كان صفتَه فلَّما تقدَّم نُصِب على الحال. وعلى هذَيْن الوجهَيْنِ فيتعلَّق بمحذوفٍ. ويجوزُ أَنْ يكونَ متعلقاً بنفسِ "مِرْصاداً" أو بنفسِ "مآباً" لأنه بمعنى مَرْجِع. وقرأ ابن يَعمر وأبو عمرو المنقري "أنَّ جهنمَ" بفتح "أنَّ". قال الزمخشري: "على تعليل قيامِ السَّاعةِ بأنَّ جهنمَ كانت مِرْصاداً للطاغين، كأنه قيل: كان ذلك لإِقامةِ الجزاءِ". قلت: يعني أنَّه علةٌ لقولِه "يومَ يُنْفَخُ" إلى آخره.
وقرأ أبو عياض "في الصُّوَر" بفتحِ الواو. وتقدَّمَ مثلُه.
* ﴿ لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً ﴾
قوله: ﴿لاَّبِثِينَ﴾: منصوبٌ على الحالِ من الضميرِ المستترِ في "للطَّاغِين" وهي حالٌ مقدرةٌ. وقرأ حمزةُ "لَبِثِيْنَ" دونَ ألفٍ، والباقون "لابِثين" بها. وضَعَّفَ مكيٌّ قراءةَ حمزةَ، قال: "ومَنْ قرأ "لبِثين"، شَبَّهه بما هو خِلْقَةٌ في الإِنسان نحو: حَذِر وفَرِق، وهو بعيدٌ؛ لأنَّ اللُّبْثَ ليس مِمَّا يكونُ خِلْقَةً في الإِنسان، وبابُ فَعِل إنما هو لِما يكونُ خِلْقَةً في الإِنسانِ، وليس اللُّبْثُ بخِلْقةٍ". ورَجَّح الزمخشريُّ قراءةَ حمزةَ فقال: "قُرِىءَ: لابِثين ولَبِثين. والَّبِثُ أَقْوى"؛ لأنَّ اللابِثَ يُقال لِمَنْ وجِدَ منه الُّلبْثُن، ولا يُقال: لِبثٌ إلاَّ لمَنْ شأنُه الَّلبْثُ كالذي يَجْثُمُ بالمكانِ، لا يكاد يَنْفَكُّ منه". قلت: وما قاله الزمخشريُّ أَصْوَبُ. وأمَّا قولُ مكيّ: الُّلبْثُ ليس خِلْقَةً فمُسَلَّمٌ؛ لكنه بُوْلِغَ في ذلك فجُعِلَ بمنزلةِ الأشياءِ الخِلْقيَّة.
(١٤/٢٤٧)
---


الصفحة التالية
Icon