قوله: ﴿بِمُصَيْطِرٍ﴾: العامَّةُ على الصاد، وقنبل في بعضِ طُرُقِه، وهشام بالسين وخلف بإشمامِ الصادِ زاياً بلا خلافٍ، وعن خلاَّد وجهان. وقرأ هارونُ "بمُسَيْطَر" بفتح الطاء اسمَ مفعولٍ؛ لأنَّ "سَيْطَرَ" عندهم متعدّ، يَدُلُّ على ذلك فعلُ مطاوعِه وهو تَسَيْطر، ولم يَجِيءْ اسمُ فاعلٍ على مُفَيْعِل إلاَّ: مُسَيْطِر ومُبَيْقِر ومُهَيْمِن ومُبَيْطِر مِنْ سَيْطَرَ وبَيْقَرَ وهَيْمَنَ وبَيْطَرَ. وقد جاء مُجَيْمِر اسمَ واد، ومُدَيْبِر. قيل: ويمكنُ أَنْ يكونَ أصلُهما "مُجْمِر" و "مُدْبِر" فصُغِّرا. قلت: وقد تقدَّم لك أنَّ بعضَهم جَوَّز "مُهَيْمِناً" مُصَغَّراً، وتَقَدَّم أنه خطأٌ عظيمٌ، وذلك في سورة المائدةِ وغيرها.
* ﴿ إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ ﴾
قوله: ﴿إِلاَّ مَن تَوَلَّى﴾: العامَّةُ على "إلاَّ" حرفَ استثناء، وفيه قولان، أحدهما: أنه منقطعٌ لأنه مستثنى مِنْ ضمير "عليهم". والثاني: أنه متصلٌ لأنه مستثنى مِنْ مفعول "فَذَكِّرْ"، أي: فَذَكِّرْ عبادي إلاَّ مَنْ تولَّى. وقيل: "مَنْ" في محلِّ خفض بدلاً من ضمير "عليهم"، قاله مكي. ولا يتأتَّى هذا عند الحجازيين، إلاَّ أَنْ يَكونَ متصلاً، فإنْ كان منقطعاً جاز عند تميمٍ؛ لأنهم يُجْرُوْنه مُجْرى المتصل، والمتصلُ يُختار فيه الإِتباعُ لأنه غيرُ موجَبٍ. هذا كلُّه إذا لم يُجْعَل "مَنْ تولَّى" شرطاً وما بعده جزاؤُه، فإنْ جَعَلْتَه كذلك كان منقطعاً، وقد تقدَّم تحقيقُه، وعلى القولِ بكونِه مستثنى مِنْ مفعول "فَذَكِّرْ" المقدرِ تكون جملةُ النفي اعتراضاً.
وقرأ زيد بن علي وزيد بن أسلم وقتادة "إلا" حرفَ استفتاحٍ، وبعده حملةٌ شرطية أو موصولٌ مضمَّنٌ معناه.
* ﴿ إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ ﴾
(١٤/٣٢٢)
---