قوله: ﴿يَوْمَئِذٍ﴾: منصوبٌ بـ"جيْء" والقائمُ مَقامَ الفاعلِ "بجهنَّمَ". وجَوَّزَ مكي أَنْ يكونَ "يومَئِذٍ" قائماً مَقامَ الفاعلِ. وإمَّا "يومَئذ" الثاني فقيل: بدلٌ من "إذا دُكَّت"، والعامل فيهما "يتذكَّر". قاله الزمخشري، وهذا هو مذهبُ سيبويهِ، وهو أنَّ العاملَ في المبدلِ منه عاملٌ في البدلِ، ومذهبُ غيرِه أنَّ البدلَ على نيةِ تَكْرارِ العاملِ. وقيل: إنَّ العاملَ في "إذا دُكَّتْ" "يقولُ"، والعاملُ في "يومئذ" "يتذكَّر" قاله أبو البقاء.
قوله: ﴿وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى﴾ "أنَّى" خبرٌ مقدمٌ، و "الذكرى" مبتدأٌ مؤخرٌ، و "له" متعلقٌ بما تَعَلَّق به الظرفُ.
* ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ﴾
* ﴿وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ﴾
قوله: ﴿لاَّ يُعَذِّبُ﴾: قرأ الكسائي "لا يُعَذَّبُ" و "لا يُوْثَقُ" مبنيين للمفعولِ. والباقون قرؤُوهما مبنيَّيْن للفاعل. فأمَّا قراءةُ الكسائي فأُسْنِد الفعلُ فيها إلى "أحد" وحُذِفَ الفاعلُ للعِلْم به وهو اللَّهُ تعالى أو الزَّبانيةُ المُتَوَلُّون العذابَ بأمرِ اللَّهِ تعالى. وأمَّا عذابه. ووَثاقه فيجوزُ أَنْ يكونَ المصدران مضافَيْن للفاعلِ والضميرِ للَّهِ تعالى، ومضافَيْنِ للمفعول، والضميرُ للإِنسانِ، ويكون "عذاب" واقعاً موقع تَعْذيب. والمعنى: لا يُعَذَّبُ أحدٌ تعذيباً مثلَ تعذيبِ اللَّهِ تعالى هذا الكافرَ، ولا يُوْثَقُ أحدٌ توثيقاً مثلَ إيثاقِ اللَّهِ إياه بالسَّلاسِلِ والأغلالِ، أو لا يُعَذَّبُ أحدٌ مثلَ تعذيبِ الكافرِ، ولا يُوْثَقُ مثلَ إيثاقِه، لكفرِ وعنادِه، فالوَثاق بمعنى الإيثاق كالعَطاء بمعنى الإِعطاء. إلاَّ أنَّ في إعمالِ اسمِ المصدرِ عملَ مُسَمَّاة خلافاً مضطرباً فنُقل عن البصريين المنعُ، وعن الكوفيين الجوازُ، ونُقل العكسُ عن الفريقَيْن. ومن الإِعمال قولُه:
٤٥٧١ - أكُفْراً بعد رَدِّ الموتِ عني * وبعد عَطائِكَ المِئَةَ الرَّتاعا


الصفحة التالية
Icon