قوله: ﴿ياأَيَّتُهَا﴾: هذه قراءةُ العامَّةِ "يا أيتُها" بتاءِ التأنيث. وقرأ زيدُ بن علي "يا أيُّها" كنداءِ المذكرِ، ولم يُجَوِّز ذلك أحدٌ، إلاَّ صاحبَ "البديع"، وهذه شاهدةٌ له. وله وجه: وهو أنها كما لم تطابِقْ صفتَها تثنيةً وجَمْعاً جاز أن لا تطابِقَها تأنيثاً. تقول: يا أيُّها الرجلان يا أيُّها الرجال. و "راضية" و "مَرْضيَّةً" حالان، أي جامعةً بين الوصفَيْن؛ لأنَّه لا يَلْزَمُ مِنْ أحدِهما الآخرُ.
* ﴿ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴾
قوله: ﴿فِي عِبَادِي﴾ يجوزُ أَنْ يكونَ: في جسد عبادي ويجوزُ أَنْ يكونَ المعنى: في زُمْرة عبادي. وقرأ ابن عباس وعكرمة وجماعةٌ "في عبدي" والمرادُ الجنسُ، وتَعَدَّى الفعلُ الأولُ بـ"في" لأنَّ الظرفَ ليس بحقيقي نحو: "دخلت في غِمار الناس"، وتعدَّى الثاني بنفسِه لأنَّ الظرفيةَ متحققةٌ، كذا قيل، وهذا إنما يتأتَّى على أحدِ الوجهَيْنِ، وهو أنَّ المرادَ بالنفس بعضُ المؤمنين، وأنه أَمْرٌ بالدخولِ في زُمْرة عبادِه. وأمَّا إذا كان المرادُ بالنفسِ الروحَ، وأنها مأمورةٌ بدخولِها في الأجساد فالظرفيةُ فيه متحقِّقةٌ أيضاً.


الصفحة التالية
Icon