وقرأ أبو عمرو وبان كثير والكسائيُّ "فَكَّ" فعلاً ماضياً، "ورقبةً" نصباً "أو أَطْعم" فعلاً ماضياً أيضاً. والباقون "فَكُّ" برفع الكاف اسماً، "رقبةٍ" خَفْصٌ بالإضافة، "أو طعامٌ" اسمٌ مرفوعٌ أيضاً. فالقراءةُ الأولى لافعلُ فيها بَدَلأٌ مِنْ قولِه "اقتحمَ" فهو بيانٌ له، كأنَّه قيل: فلا فَكَّ رقبةً ولا أطعَمَ، والثانيةُ يرتفع فيها "فَكُّ" على إضمار مبتدأ، أي: هو فَكُّ رقبة أو إطعامٌ، على معنى الإباحة. وفيس الكلامِ حَذْفُ مضافٍ دلَّ عليه "فلا اقتحمَ" تقديرُه: وما أدراك ما اقتحامُ العقبة؟ فالتقدير: اقتحامُ العقبة فكُّ رَقَبَة أو إطعامٌ، وإنما احْتيج إلى تقديرِ هذا المضافِ ليتطابقَ المفسِّر والمفسَّر. ألا ترى أنَّ المفسَّر - بكسرٍ السين- مصدرٌ، والمفسَّر - بفتح السينِ - وهو العقبةُ غيرُ مصدر، فلو لم نُقَدِّر مضافاً لكان المصدرُ وهو "فَكُّ" مُفَسِّراً للعين، وهو العقبةُ.
وقرأ أميرُ المؤمنين وأبو رجاء "فَكَّ أو طعمَ" فعلَيْن كما تقدَّم، إلاَّ أنهما نصبا "ذا" بالألف. وقرأ الحسن "إطعامٌ" و"ذا" بالألفِ أيضاً وهو على هاتَيْنِ القراءتَيْن مفعولُ "أَطْعم" أو "إطعامٌ" و"يتيماً" حينئذٍ بدلٌ منه أو نعتٌ له. وهو في قراءةِ العامَّةِ "ذيي" بالياء نعتاً لـ "يوم" على سبيل المجاز، وُصِفَ اليومُ بالجوع مبالغةً كقولهم: "ليلُك قائمٌ ونهارُك صائمٌ" والفاعلُ لإطعام محذوفٌ، وهذا أحدُ المواضعِ التي يَطَّرِد فيها حَذْفُ الفاعلِ لإطعام محذوفٌ، وهذا أحدُ المواضعِ التي يَطَّرِدُ فيها حَذْفُ الفاعلِ وحدَه عند البصريين، وقد بَيَّنْتُها مُسْتوفاةً ولله الحمدُ.
(١٤/٣٤٢)
---


الصفحة التالية
Icon