(١٤/٣٥٨)
* ﴿ إِلاَّ ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى ﴾
قوله: ﴿إِلاَّ ابْتِغَآءَ﴾: في نصبه وجهان، أحدهما: أنه مفعولٌ به. قال الزمخشري: "ويجوزُ أَنْ يكونَ مفعولاً له على المعنى؛ لأنَّ المعنى: لا يُؤْتى مالَه إلاَّ ابتغاءَ وَجْهِ ربه لا لمكافأةِ نعمةٍ" وهذا أَخَذَه مِنْ قولِ الفَرَّاء فإنه قال: "ونُصِبَ على تأويل: ما أعْطَيْتُك ابتغاءَ جزائِك، بل ابتغاء وجهِ اللَّهِ تعالى. والثاني: أنَّه منصوبٌ على الاستثناء المنقطع، إذ لم يندَرِجْ تحت جنس "مِنْ نعمة" وهذه قراءة العامَّةِ، أعني النصبَ المدَّ. وقرأ يحيى برفعِه ممدوداً على البدل مِنْ محلِّ "مِنْ نعمة" لأنَّ محلَّها الرفعُ: إمَّا على الفاعليَّةِ، وإمَّا على الابتداء، و"مِنْ" مزيدةٌ في الوجهَيْن، والبدلُ لغة تميمٍ، لأنهم يُجْرُون المنقطعَ في غير الإيجاب مُجْرى المتصل. وأنشد الزمخشريُّ بالوجَهَيْن: النصبِ والبدلِ قولَ بشرِ بنِ أبي خازم:
٤٥٨٧- أَضْحَتْ خَلاءً قِفاراً أَنيسَ بها * إلاَّ الجآذِرُ والظِّلْمانُ تَخْتَلِفُ
وقولَ القائل في الرفع:
٤٥٨٨- وبَلْدَةٍ ليس بها أنيسُ * إلاَّ اليَعافيرُ وإلاَ العِيْسُ
وقال مكي: "وأجاز الفراء الرفعَ في "ابتعاء" على البدل مِنْ موضع "نِعْمَةٍ" وهو بعيدٌ" قلت: كأنَّه لم يَطِّلِعْ عليها، قراءةً، واستبعادُه هو البعيدُ، فإنَّها لغةٌ فاشيةٌ. وقرأ ابنُ ابي عبلة "ابتْغا" بالقصر.
* ﴿ وَلَسَوْفَ يَرْضَى ﴾
قوله: ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾: هذا جوابُ قَسَم مضمرٍ. والعامَّاةُ على "يَرْضَى" مبنياً للفاعل. وقُرِئ ببنائِه للفمعول مِنْ أَرْضاه الله، وهو قريبٌ مِنْ قولِه في آخرِ سور طه ﴿لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ و﴿تَرْضَى﴾.