قوله: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾: إمَّا أَنْ يكون حَذْفِ مضاف، أي: أهلَ نادِية أو على التجوُّز في نداءِ النادي لاشتمالِه على الناس كقوله: ﴿وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ﴾ والنادي والنَّدِيُّ: المَجْلِسُ المُتَّخَذُ للحديث. قال زهير:
٤٦٠٩- وفيهم مَقاماتٌ حِسانٌ وجوهُهُمْ * وأَنْدِيَةٌ يَنْتابُها القولُ والفِعْلُ
وقالت أعرابية: "هو سَيِّدُ ناديه وثمالُ عافية".
* ﴿ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ﴾
قوله: ﴿الزَّبَانِيَةَ﴾: قال الزمخشري: "الزَّبانية في كلامِ العرب: الشُّرَطُ، الواحد زِبْنِيًَة كعِفْرية، مِنْ الزَّبْن وهو الدفعُ. وقيل: زِبْنيّ وكأنه نُسِبَ إلى الزَّبْن، ثم غُيِّر للنَّسَبِ، كقولهم: إمْسيّ وأصلُه زَباني فقيل: زانِيَة على التعويض" وقال عيسى بن عمر والأخفش: "واحدُهم زابِن: وقيل: لا واحدَ له مِنْ لفظِه كعَباديد وشماطيط" والحاصلُ أنَّ المادةَ تَدُلُّ على الدَّفْعِ قال:
٤٦١٠- مطاعيمُ في القُصْوى مطاعينُ في الوغَى * زبانيَةٌ غُلْبٌ عِظامٌ حُلُومُها
وقال آخر:
٤٦١١- ومُسْتَعْجِبٍ مِمَّا يرى مِنْ أناتِنا * ولو زَبْنَتْه الحرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ
وقال عتبة: "وقد زبَنَتْنا الحربُ وزبَنَّاها" ومنه الزُّبون لأنَّه يُدْلإع مِنْ بائعٍ إلى آخر. وقرأ العامَّة "سَنَدْعُ" بنونِ العظمة ولم تُرْسَمْ بالواو، وقد تقدَّم نظيرُه نحو: "يَدْعُ الداعِ" وقرأ ابنُ أبي عبلة "سَيُدْعى الزبانيةُ" مبنياً للمعفولِ ورَفْعُ الزَّبانية لقيامِها مقامَ الفاعل.