وقرأ العامَّةُ "بُعْثِرَ" بالعين مبنياً للمفعولِ. والموصولُ قائمٌ مقامَ الفاعلِ. وابن مسعودٍ بالحاء. وقرأ الأسود بن يزيد ومحمد بن معدان "بُحِثَ" من البحث. ونصر بن عاصم "بَعْثَرَ" مبنياً للفاعل وهواللَّهُ تعالى أو المَلَكُ. والعامَّةُ "حُصِّل" مبنياً للمفعولِ كالذي قبلَه. ويحيى بن يعمر ونصرٍ أيضاً "حَصَلَ" خفيفةَ الصادِ مبنياً للفاعل بمعنى: جَمَعَ ما في الصحفِ تَحَصُّلاً، والتحصيلُ: جَمْعُ الشيء، والحُصولُ اجتماعُه. وقيل: التحصيلُ التمييزُ. ومنه قيل للمُنْخُل: مُحَصِّل. وحَصَل الشيءُ مخفَّفاً: ظَهَر واستبانَ، وعليه القراءةُ الأخيرةُ.
* ﴿ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ ﴾
قوله: ﴿إِنَّ رَبَّهُم﴾: العامَّةُ على كَسْرِ الهمزةِ لوجودِ اللامِ في خبرها. والظاهرُ أنَّها معلِّقَةٌ لـ "يَعْلَمُ" فيه في محلِّ نصب، ولكن لا يَعْمَلُ في "إذا" خبرُها لِما تقدَّم؛ بل يُقَدَّرُ له عاملٌ مِنْ معناه كما تقدَّم. ويدلُّ على أنها مُعَلَّقَةٌ للعِلْمِ لا مستأنلفةٌ قراءةُ أبي السَّمَّال وغيرِه "أنَّ ربَّهم بهم يؤمئذٍ خبيرٌ" بالفتح وإساقط اللامِ، فإنَّها في هذه القراءة سادَّةٌ مَسَدَّ مفعولَيْها. ويُحْكَى عن الخبيث الروحِ الحَجَّاج أنه لما فَتَح همزةَ "أنَّ" استدرك على نفسِه فتعمَّد سقوط اللام. وهذا إنْ صَحَّ كُفْرٌ. ولا يُقالُ: إنها قراءةٌ ثابتةٌ، كما نَقَلْتُها عن أبي السَّمَّال، فلا يكفرُ، لأنه لو قرأها كذلك ناقلاً لها لم يُمْنَعْ منه، ولكنه أسقطَ اللامَ عَمْداً إصلاحاً للسانِه. وأجمعَ الأمةُ على أنَّ مَنْ زاد حرفاً في القرآن أو نَقَصَه عَمْداً فهو كافِرٌ، وإنما قلتُ ذلك لأنِّي رأيتُ الشيخَ قال: "وقرأ أبو السَّمَّال والحجَّاج" ولا يُحْفَظُ عن الحجَّاجِ إلاَّ هذا الأثرُ السَّوْءُ، والناسُ يَنْقُلونه عنه كذلك، وهو أقلُّ مِنْ أَنْ يُنْقَلَ عنه.
(١٤/٣٩١)
"وبهم" و"يومئذٍ" متعلِّقان بالخبر، واللامُ غيرُ مانعةٍ من ذلك وقُدِّماً لأَجْلِ الفاصلةِ.