قال الشيخ: "وأمَّا وَضْعُه المُصَلِّين موضعَ الضميرِ، وأنَّ المُصَلِّيْنَ جمعٌ؛ لأنَّ ضميرَ الذي يُكذِّبُ معناه الجمعُ فتكلُّفٌ واضحٌ. ولا يَنبغي أَنْ يُحْمَلَ القرآن إلاَّ على ما عليه الظاهرُ، وعاجةُ هذا الرجِ تكلُّفُ اشياءَ في فَهمِ القرآنِ ليسَتْ بواضحةٍ" انتهى. قلت: وعادةُ شيخنا - رحمه الله - التَّحامُل على الزمخشري حتى يَجْعَل حسَنه قبيحاً. وكيف يُرَدُّ ما قاله وفيه ارتباطُ الكلامِ بعضِه ببعضٍ، وجَعْلُه شيئاً واحداً، وما تضمَّنه من المبالغة في الوعيد في إبرازِ وَصْفِهم الشَّنيع؟ ولا يُشَكُّ أنَّ الظاهرَ من الكلامِ أن السورةَ كلَّها في وصفِ قوم جَمَعوا بين هذه الأوصافِ كلِّها: من التكذيبِ بالدِّين ودَفْع اليتيم وعَدَمِ الحَضِّ على طعامِه، والسَّهو في الصلاة، والمُراءةِ ومَنْعِ الخير.
* ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ﴾
قوله: [الَّذِينَ هُمْ}: يجوزُ أَنْ يكونَ مرفوعَ المَحَلِّ، وأَنْ يكونَ منصوبَه، وأَنْ يكونَ مجرورَه تابعاً. نعتاً أو بدلاً أو بياناً، وكذلك الموصولُ الثاني، إلاَّ أنه يُحْتمل أَنْ يكونَ تابعاً للمُصَلِّيْنَ، وأَنْ يكونَ تابعاً للموصولِ الأولِ. وقوله: "يُراؤون" أصلُه يُرائِيُوْنَ كيُقاتِلون. ومعنى المُراءاة، أنَّ المُرائي يُري الناسَ عملَه، وهم يُرُونَه الثناءَ عليه، فالمفاعَلَةُ فيها واضحةٌ. وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك.
* ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾
(١٤/٤٠٧)
---