وهمزةُ "أحد" بدلٌ من واوٍ، لأنَّه من الوَحْدة، وإبدالُ الهمزةِ من الواوِ المفتوحةِ. وقيل: منه "امرأةٌ أناة" من الوَنى وهو الفُتُورُ. وتقدَّم الفرقُ بين "أحد" هذا و"أحد" المرادِ به العمومُ، فإنَّ همزةُ ذاك أصلٌ بنفسِها. ونَقَل أبو البقاءِ أنَّ همزةَ "أحد" هذا غيرُ مقلوبةٍ، بل أصلٌ بنفسِها كالمرادِ به العمومُ، والمعروفُ الأولُ. وفَرَّق ثعلب بين "واحد" وبين "أحد" بأنَّ الواحدَ يدخُلُه العَدُّ والجمعُ والاثنان، و"أحَد" لا يَدْخُلُه ذلك. ويقال: اللَّهُ أحدٌ، ولا يقال: زيدٌ أحدٌ؛ لأنَّ للَّهِ تعالى هذه الخصوصيةَ، وزَيْدٌ له حالاتٌ شتى. ورَدَّ عليه الشيخُ: بأنَّه يُقال: أصلُه وَأَحَد، فأُبْدِلَتِ الواوُ همزةً فاجتمع ألفان، لأنَّ الهمزةَ تُشْبه الألفَ، فحُذِفَتْ إحداهما تخفيفاً".
وقرأ عبد الله وأُبَيُّ ﴿واللَّهُ أحدٌ﴾ دونَ "قُلْ" وقرأ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم "أحدٌ" بغيرِ "قل هو" وقرأ الأعمش: ﴿قل هو اللَّهُ الواحد﴾.
وقرأ العامَّةُ بتنوين "أحدٌ" وهو الأصلُ. وزيد بن علي وأبان ابن عثمان وابن أبي إسحاق والحسن وأبو السَّمَّال وأبو عمروٍ في رواية في عددٍ كثيرٍ بحذف التنوين لالتقاء الساكنين كقوله:
٤٦٧٥- عمرُو الذي هَشَمَ الثَّريدَ لقومِه * ورجالٌ مكةَ مُسْنِتُون عِجافُ
وقال آخر:
٤٦٧٦- فأَلْفَيْتُه غيرَ مُسْتَعْتِبٍ * ولا ذاكر اللَّهَ إلاَّ قليلا
* ﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾
قوله: ﴿الصَّمَدُ﴾: فَعَل بمعنى مَفْعُول كالقَبَضِ والنَّقَضِ. وهو السَّيِّدُ الذي يُصْمَدُ إليه في الحوائجِ، أي: يُقْصَدُ ولا يَقْدِرُ على قضائِها إلاَّ هو. وأنشد:
٤٦٧٧- ألا بَكَّرَ النَّاعي بخَيْرِ بني أسدْ *بعَمْرِو بن مسعودٍ وبالسَّيَّد الصَّمَدْ
وقال الآخر:
٤٦٧٨- عَلَوْتُه بحُسامٍ ثم قُلْتُ له * خُذْها حُذَيْفُ فأنتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ
وقيل: الصَّمَدُ: هو الذي لا جَوْفَ له، ومنه قوله:
(١٥/١٢)
---


الصفحة التالية
Icon