* ﴿ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾
قوله: ﴿وَقَبَ﴾: وَقَبَ الليلُ: أظلم، والعذابُ: حَلَّ، والشمسُ: [غَرَبَتْ: وقيل: وَقَبَ، أي: دَخَلَ] قال الشاعر:
٤٦٨٤- وَقَبَ العذابُ عليهمُ فكأنَّهمْ *لَحِقَتْهُمُ نارُ السَّمومِ فأُحْصدوا
والغاسِقُ قيل: الليلُ. وقيل: القمر. سُمِّي اليلُ غاسِقاً لبُرودته. وقد تقدَّم الكلامُ على هذه المادة في سورة ص. واستُعيذ من الليل لِما يبيتُ فيه من الآفاتش. قال الشاعر:
٤٦٨٥- يا طيفَِ هندٍ لقد أَبْقَيْتَ لي أَرَقا * إذ جِئْتَنا طارقاً والليلُ قد غَسَقا
أي: أظلمَ واعْتَكَرَ. و"إذا" منصوب بـ"اعوذُ"، أي: أعوذُ باللَّهِ مِنْ هذا في وقتِ كذا.
* ﴿ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾
قوله: ﴿النَّفَّاثَاتِ﴾: جمع نَفَّاثَة مثالُ مبالغةٍ. من نَفَث، أيك نَفَخَ. واخْتُلِفَ فيه فقال أبو الفضل: شَبَّه النَّفْخَ من الفمِ في الرُّقْيَةِ ولا شيءَ معه. فإذا كان بِرِيْقٍ فهو التَّفْلُ وأنشد:
٤٦٨٦- فإنْ يَبْرأ فلم أَنْفُثْ عليهِ * وإنْ يَفْقَدْ فَحَقَّ له الفُقُودُ
وقال الزمخشري: "نَفْخُ معه رِيْقٌ" وقرأ الحسن ﴿النُّفَّاثات﴾ بضم النون، وهي اسم كالنُّفَّاخَة. ويعقوب وعبدُ الله بن القاسم "النافِثات" وهي محتملةٌ لقراءةِ العامة، والحسن ايضاً وأبو الرَّبيع "النَّفِثات" دونَ ألفٍ كحاذِر وحَذِر. ونَكِّر عاسِقاً وحاسداً لأنه قد يَتَخَلَّفُ الضَّرُ فيهما. فالتنكيرُ يفيد التبعيضَ. وعَرَّفَ "النفَّثات": إمَّا للعَهْدِ كما يُرْوَى في التفسير، وإمَّا للمبالغةِ في الشَّرِّ.