الخامس: أنه بيانٌ للذي يوسوسُ، على أن الشيطان ضربان: إنسِيُّ وجنيُّ، كما قال ﴿شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ وعن أبي ذر: أنه قال لرجل: هل اسْتَعَذْتَ من شياطينِ الإنس؟ السادس: أنَّه يتعلَّق بـ "يُوَسْوِس" و"مِنْ" لابتداءِ الغاية، أي: يُوَسْوِسُ في صدورهم من جهة الجنِّ ومِنْ جهة الإنس. السابع: أنَّ "والناس" عطفٌ على "الوَسْواس" أي: مِنْ شَرِّ الوَسْواس والناس. ولا يجوزُ عطفُه على الجِنَّة؛ لأنَّ الناسَ لا يُوْسْوِسُوْنَ في صدور الناس إنما يُوَسْوِس الجنُّ، فلمَّا استحالَ المعنى حُمِل على العطف على الوَسْواس، قاله مكي وفيه بُعْدٌ كبيرٌ للَّبْس الحاصل. وقد تقدَّم أنَّ الناسَ يُوَسْوِسون أيضاً بمعنىً يليقُ بهم.
الثامن: أنَّ ﴿مِنَ الْجِنَّةِ﴾ حالٌ من "الناس"، أي: كائنين من القبلين، قاله أبو البقاء، ولم يُبَيِّنْ: أيُّ الناسِ المتقدمُ أنه صاحبُ الحالِ؟ وعلى كلِّ تقديرٍ فلا يَصِحُّ معنى الحاليةِ [في شيءٍ منها]، لا الأولُ ولا ما بعدَه. ثم قال: "وقيل: هو معطوف على الجِنَّة" يريد "والناس" الأخيرَ معطوفٌ على "الجنة" وهذا الكلامُ يَسْتدعي تقدُّمَ شيءٍ قبلَه: وهو أَنْ يكونَ "الناس" عطفاً على غير الجِنة كما قال به مكي ثم يقول: "وقيل هو معطوفٌ على "الجِنة" وفي الجملة فهو كلامٌ متسامَحٌ فيه [سامَحَنا الله] وإياه وجميعَ خلقِه بمنَّة وكَرَمِه وخَتَمَ لنا منه بخيرٍ، وخَتَم لنا رِضاه عنَّا وعن جميع المسلمين.
رَمِه وخَتَمَ لنا منه بخيرٍ، وخَتَم لنا رِضاه عنَّا وعن جميع المسلمين.
(١٥/٢٠)
---