يقولون: رَأَيْتُ الشهرَ أي: هلاله، ثم أُطْلِقَ على الزمانِ لطلوعِهِ، فيه، ويقال: أَشْهَرْنا أي: أتى علينا شهرٌ. قال الفراء: "لم أَسْمَعْ فعلاً إلاَّ هذا" قال الثعلبي: "يُقال شَهَرَ الهِلالُ إذا طَلَعَ". ويُجْمَعُ في القلةِ على أَشْهُر / وفي الكثرةِ على شُهور. وهما مَقِيسان.
ورمضانُ علمٌ لهذا الشهر المخصوصِ وهو علمُ جنسٍ، وفي تسميته برمضان أقوالٌ، أحدُهما: أنَّه وافق مجيئه في الرَّمْضَاء - وهي شِدَّةُ الحَرِّ - فَسُمِّي بذلك، كربيع لموافقتِه الربيعَ، وجُمادى لموافقتِه جمود الماء، وقيل: لأنه يَرْمَضُ الذنوبَ أي: يَحْرِقُها بمعنى يَمْحُوها. وقيل: لأنَّ القلوبَ تَحْتَرق فيه من الموعظة. وقيلك من رَمَضْتُ النَّصْلَ دَقَقْتُه بين حجرينِ ليَرِقَّ يقال: نَصْلٌ رَميض ومَرْموض. وكان اسمه في الجاهليةِ ناتِقاً. أنشد المفضَّل:
٨٤٧ - وفي ناتِقٍ أَجْلَتْ لدى حَوْمةِ الوَغى * وولَّتْ على الأدبارِ فُرْسانُ خَثْعَمَا
وقال الزمشخري: "الرَّمَضانُ مصدرُ رَمِضَ إذا احترَق من الرَّمْضاء" قال الشيخ: "وَيَحْتَاج في تحقيقِ أنَّه مصدرٌ إلى صحةِ نقلٍ، فإن فَعَلاناً ليس مصدرَ فَعِل اللازم، بل إِنْ جاءَ منه شيءٌ كان شاذَّاً". وقيل: هو مشتقٌّ من الرَّمَضِيّ وهو مَطَرٌ يأتي قبلَ الخريفِ يُطَهِّر الأرضَ من الغبار فكذلك هذا الشهرُ يُطَهِّر القلوبَ من الذنوب.
والقرآنُ في الأصلِ مصدرُ "قَرَأْتُ"، ثم صارَ عَلَماً لِما بين الدَّفَّتْينِ ويَدُلُّ على كونِه مصدراً في الأصلِ قولُ حَسَّان في عثمانَ رضي الله عنهما:
٨٤٨ - ضَحُّوا بأَشْمَطَ عنوانُ السجودِ به * يُقَطِّعُ الليلَ تسبيحاً وقُرْآنا
(٢/٢٦٢)
---


الصفحة التالية
Icon