والباءُ في "بكم" قالَ أبو البقاء: "للإِلصاقِ، أي: يُلْصِقُ بكم اليُسْرَ وهو من مجازِ الكلامِ، أي: يريدُ اللهُ بفِطْركم في حالِ العُذْرِ اليسرَ. وفي قولِه: ﴿وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ تأكيدٌ، لأنَّ قبلَه ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ﴾ وهو كافٍ عنه. وقرأ أبو جعفر ويحيى بن وثاب وابن هرمز: "اليُسُر والعُسُر" بضمّ السين، واختلف النحاةُ: هل الضَمُّ أصلٌ والسكونُ تخفيفٌ، أو الأصلُ السكونُ والضمُّ للإِتباعِ؟ الأولُ أظهرُ لأنه المعهودُ في كلامِهم.
قوله: ﴿وَلِتُكْمِلُواْ﴾ في هذه اللام ثلاثةُ أقوالٍِ، أحدُها: أنها زائدةٌ في المفعولِ به كالتي في قولك: ضَرَبْتُ لزيدٍ، و "أَنْ" مُقَدَّرةٌ بعدَها تقديرُه: "ويريد أنْ تُكمِلوا العِدَّة" أي: تكميلَ، فهو معطوفٌ على اليُسْر. ونحوُه قولُ أبي صخر:
٨٥٠ - أريدُ لأَنْسَى حُبَّها فكأنَّما * تَمَثَّلُ لي ليلى بكلِّ طريقِ
وهذا قولُ ابن عطية والزمخشري وأبي البقاء، وإنما حَسُنَتْ زيادةُ هذه الام في المفعولِ - وإنْ كان ذلك إنما يكونُ إذا كان العاملُ فرعاً أو تقدَّمَ المعمولُ - من حيث إنه لمَّا طالَ. الفصلُ بين الفعلِ وبين ما عُطِفَ على مفعوله ضَعُفَ بذلك تَعَدِّيه إليه فَعُدِّي بزيادة اللام قياساً لضَعْفِه بطولِ الفصلِ على ضَعْفِ بالتقديم.
(٢/٢٦٨)
---