٨٥١ - قد قَتَلَ اللهُ زياداً عَنِّي
أي: صَرَفَه بالقتلِ عني، وفي قولِه:
٨٥٢ - ويَرْكَبُ يومَ الرَّوْع مِنَّا فوارِسٌ * بصيرونَ في طَعْن الكُلى والأباهِرِ
أي: متحكِّمون بالبصيرة في طَعْن الكُلى". والثاني: أنها بمعنى لامِ العلَّةِ، والأول أَولَى لأنَّ المجازَ في الحرفِ ضعيفٌ.
و "ما" في قوله: ﴿عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ فيها وجهان، أظهرهُما: أنها مصدريةٌ، أي: على هدايته إياكم. والثاني: أنَّها بمعنى لاذي. قال الشيخ: "وفيهُ بَعُدٌ مِنْ وَجْهَيْن، أحدُهما: حَذْفُ العائدِ تقديرُه: هداكُموه" وقَدَّره منصوباً لا مجروراً باللامِ ولا بإلى، لأنَّ حَذْفَ المنصوبِ أسهلُ، والثاني: حَذْفُ مضافٍ يَصِحُّ به معنى الكلامِ، تقديرُه: على اتِّباع الذي هَداكُمْ أو ما أَشْبَهَه".
وخُتِمَتْ هذه الآية بترجِّي الشكر لأنَّ قبلَها تيسيراً وترخيصاً، فناسَبَ خَتْمَها بذلك. وخُتمت الآيتان قبلَها بترجِّي التقوى، وهو قولُه: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ وقولُه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ لأنَّ القصاصَ والصومَ من أشقِّ التكاليفِ، فناسَب خَتْمَها بذلك، وهذا أسلوبٌ مطَّردٌ، حيث وَرَدَ ترخيصٌ عقَّب بترجي الشكر غالباً، وحيث جاء عَدَمُ ترخيصِ عَقَّب بترجي التقوى وشِبْهِها، وهذا من محاسِن علمِ البيانِ.
* ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ﴾: في "أُجيب" وجهانِ أحدُهما: أنها جملةٌ في محلِّ رفع صفةً لـ"قَرِيبٌ" والثاني أنها خبرٌ ثانٍ لإِنِّي، لأنَّ "قريب" خبرٌ أولُ.
(٢/٢٧١)
---


الصفحة التالية
Icon