(٢/٢٧٤)
---
أي: إذعان للذلة إذعانٌ، وإنما لم يَجُزْ أن يَنْتَصِب بالرَّفَثِ لأنه مصدرٌ مقدَّرٌ بموصولٍ، ومعمولُ الصلة لا يتقدَّمُ على الموصولِ فلذلك احْتُجْنا إلى إضمار عاملٍ مِنْ لفظ المذكورِ. الثالث: أنه متعلِّق بالرفثِ، وذلك على رَأْي مَنْ يرى الاتساعَ في الظروف والمجرورات، وقد تقدَّم تحقيقه.
وأضيفت الليلة اتساعاً لأنَّ شرطَ صحتِه وهو النيةُ موجودةٌ فيها، والإِضافة [تحصُل] بأدنى ملابسةٍ، وإلاَّ فمِنْ حَقِّ الظرف المضاف إلى حَدَثٍ أن يُوجَدَ ذلك الحدثُ في جزء من ذلك الظرف، والصومُ في الليلِ غيرُ معتبرٍ، ولكنَّ المُسَوِّغَ لذلك ما ذَكرْتُ لك.
والجمهورُ على "أُحِلَّ" مبنياً للمفعولِ للعلمِ به وهو اللَّهُ تعالى، وقرىء مبنياً للفاعلِ، وفيه حينئذٍ احتمالان، أحدُهما: أن يكونَ من باب الإِضمارِ لفَهْمِ المعنى، أي أَحَلَّ اللَّهُ، لأنَّ من المعلومِ أنه هو المُحَلِّل والمحرِّم. والثاني: أن يكونَ الضميرُ عائداً على ما عاد عليه من قولِهِ: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي﴾ وهو المتكلمُ، ويكونُ ذلك التفاتاً، وكذلك في قوله "لكم" التفاتٌ من ضميرِ الغَيْبة في: "فَلْيَسْتجيبوا وَلْيؤمنوا". وعُدِّي "الرفث" بإلى، وإنما يتعدَّى بالباء لِما ضُمِّن مِنْ معنى الإِفضاء، كأنه قيل: أُحِلَّ لكم الإِفضاءُ إلى نسائِكم بالرَّفَث.
وقرأ عبد الله "الرَّفوث". والرَّفَثُ لغةً مصدرُ: رَفَثَ يَرْفُث إذا تكلم بالفُحْشِ، وأَرْفَثَ أتى بالرَّفَثِ، قال العجاج:
٨٥٦ - ورُبَّ أسرابِ حجيجٍ كُظَّمِ * عن اللَّغا وَرَفَثِ التكلُّم
وقال الزجاج: - ويُروى عن ابن عباس - "إن الرفثَ كلمةٌ جامعةٌ لكلِّ ما يريدُه الرجلُ من المرأة". وقيل: الرفث: الجِماعُ نفسُه، وأنشد:
٨٥٧ - ويُرَيْنَ من أَنَسِ الحديثِ زوانيا * ولَهُنَّ عن رَفَثِ الرجالِ يفارُ
وقول الآخر:


الصفحة التالية
Icon