٨٥٨ - فَظِلْنَا هنالِكَ في نِعْمَةٍ وكلِّ اللَّذاذَةِ غيرَ الرَّفَثْ
(٢/٢٧٥)
---
ولا دليل فيه لاحتنمالِ إرادة مقدمات الجِماع كالمداعَبَةِ والقُبْلَةِ، وأنشد ابنُ عباس وهو مُحْرِمٌ: /
٨٥٩ - وهُنَّ يَمْشِين بنا هَمِيسا * إنْ يَصْدُقِ الطيرُ نَنِكَ لَمِيسا
فقيل له: رَفَثْتَ، فقال: إنما الرَّفَث عند النساء.
قوله: ﴿كُنتُمْ تَخْتانُونَ﴾ في محلِّ رفعٍ خبرٌ لنَّ. و "تَخْتانون" في محلِّ نصبٍ خبرٌ لكان. قال أبو البقاء: "وكُنْتُم هنا لفظُها لفظُ الماضي ومعناها المضيُّ أيضاً، والمعنى: أن الاختيان كان يقعُ منهم فتاب عليهم منه، وقيل: إنه أرادَ الاختيان في الاستقبال، وذَكَرَ "كان" ليحكي بها الحالَ كما تقول: إن فعلت كنت ظالماً" وفي هذا الكلامِ نظرٌ لا يَخْفى.
و "تَخْتَانون" تَفْتَعِلُون من الخيانة، وعينُ الخيانة واوٌ لقولِهم: خانَ يخُون، وفي الجمع: خَوَنَة، يقال: خانَ يَخُون خَوْناً وخِيانة، وهي ضدُّ الأمانة، وتَخَوَّنْتُ الشيءَ تَنَقَّصْتُه، قال زهير:
٨٦٠ - بآرِزَةِ الفَقَارَةِ لم يَخُنْهَا * قِطافٌ في الرِّكاب ولا خِلاءُ
وقال الزمخشري: "والاختيانُ: من الخيانة كالاكتساب من الكَسْبِ، فيه زيادةٌ وشِدَّة" يعني من حيثُ إن الزيادة في اللفظ تُنْبِىءُ عن زيادةٍ في المعنى، كما قَدَّمَهُ في قولِهِ الرحمنُ الرحيمُ. وقيل هنا: تختانون أَنْفُسَكُم أي: تتعهدونها بإتيانِ النساء، وهذا يكون بمعنى التخويل، يقال: تَخَوَّنه وَتَخَوَّله بالنون واللام، بمعنى تَعَهَّده، إلا أنَّ النونَ بدلٌ من اللام، لأنه باللامِ أشهرُ.
و "عَلِمَ" إنْ كانَتِ المتعدية لواحد بمعنى عَرَف، فتكونُ "أنَّ" وما في حيِّزها سادَّة مَسَدَّ مفعولٍ واحدٍ، وإن كانتِ المتعديةَ لاثنينِ كانَتْ سادةً مَسَدَّ المفعولينِ على رأي سيبويه، ومَسَدَّ أحدِهما والآخرُ محذوفٌ على مذهبِ الأخفش.
(٢/٢٧٦)
---