* ﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ الْكَافِرِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم﴾: "حيث" منصوبٌ بقوله: "اقتلوهم"، و "ثَقِفْتُموهم" في محلِّ خفضٍ بالظرف، وثَقِفْتموهم أي: ظَفِرتْم بهم، ومنه: "رجلٌ ثقيف": أي سريعُ الأخذ لأقرانِه، قال:
٨٦٧ - فإمَّا تَثْقَفوني فاقتلوني فَمَنْ أَثْقَفْ فليسَ إلى خلودِ
وثَقِفَ الشيءَ ثقالةً إذا حَذَقَه، ومنه الثقافةُ بالسيف، وثَقِفْتُ الشيء قَوَّمُتُه ومنه الرماح المُثَقَّفة، قال الشاعر:
٨٦٨ - ذَكَرْتُكِ والخَطِيُّ يَخْطِرُ بَيْننا وقد نَهِلَتْ مِنَّا المثقَّفَةُ السُّمْرُ
قوله: ﴿مِّنْ حَيْثُ﴾ متعلِّقٌ بما قبله، وقد تُصُرِّفَ في "حيث" بجَرِّها بمِنْ كما جُرَّت بالباء وفي، وبإضافة "لدى" إليها. و "أَخْرجوكم" في محلِّ جرٍّ بإضافتها إليه. ولم يذكر "للفتنة" ولا "للقتل" - وهما مصدران - فاعلاً ولا مفعولاً، إذ المراد إذا وُجِدَ هذان، من أيِّ شخص كان بأي شخصٍ كان، وقد تقدَّم أنه يجوز حَذْفُ الفاعلِ مع المصدر.
قوله: ﴿وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ﴾ قرأ الجمهورُ الأفعالَ الثلاثة: "ولا تُقاتلوهم حتى يقاتِلوكم، فإنْ قاتلوكم" بالألف من القتال، وقرأها حمزة والكسائي من غير ألف من القتل. فأما قراءة الجمهور فهي واضحةٌ لأنها نَهْيٌ عن مقدِّمات القتل، فدلالتها على النهي عن القتل بطريقِ الأوْلى. وأمّا قراءةُ الأخوين ففيها تأويلان، أحدُهما: أن يكونَ المجازُ في الفعل، أي: ولا تأخذوا في قتلهم حتى يأخذوا في قَتْلكم. ومنه ﴿قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ﴾ ثم قال: "فما وَهَنوا" أي ما وَهَن مَنْ بقيَ منهم، وقال الشاعر:
(٢/٢٨٧)
---