فزيدت الباءُ في المفعولِ كما زيدت في قوله:
٨٧١ - وأَلْقى بكفَّيْهِ الفتى استكانَةً * من الجوع وَهْناً ما يَمُرُّ وما يَحْلُو
وهذا قولُ أبي عبيدة، وغليه ميلُ الزمخشري، قال: "والمعنى: ولا تَقْبِضُوا لتهلكة أيديكم، أي: لا تَجْعلوها آخذةً بأيديكم مالكةً لكم" إلا أنه مردودٌ بأنَّ زيادةَ الباءِ في المفعولِ لا تَنْقاسُ، إنما جاءتْ في الضرورة كقوله:
٨٧٢ -................ * سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
الثاني: أنها متعلقةٌ بالفعلِ غيرُ زائدةٍ، والمفعولُ محذوفٌ، تقديرُه: ولا تُلْقوا أنفسكم بأيديكم، ويكون معناها السبب كقولِك: لا تُفْسِدْ حالَك برأيك. الثالث: أن يضمَّن "ألقى" معنى ما يتعدَّى بالباء، فيُعدَّى تعديته، فيكونُ المفعول به في الحقيقة هو المجرورَ بالباء تقديره: ولا تُفْضوا بأيديكم إلى التهلكة، كقولك: أَفْضَيْتُ بجَنْبي إلى الأرضِ أي: طَرَحْتُه على الأرض، ويكونُ قد عَبَّرَ بالأيدي عن الأنفس، لأنَّ بها البطشَ والحركةَ، وظاهرُ كلام أبي البقاء فيما حكاه عن المبرد أن "ألقى" يتعدَّى بالباء أصلاً من غيرِ تضمينٍ، فإنه قال: "وقال المبرد: ليست بزائدةٍ بل هي متعلقةٌ بالفعلِ كمَرَرْتُ بزيد والأوْلى حَمْلُه على ما ذَكَرْتُ".
(٢/٢٩١)
---