أريد هجاءَه وأخاف ربي * وأعلم أنه عبدٌ لئيم
وقد منع صاحبُ "المستوفى" كونَ "ما" كافةً للكافِ، وهو محجوجٌ بما تقدَّم.
والرابع: أن يكونَ في محلِّ نصب على الحال من فاعل "اذكروا" تقديرُه: مُشْبِهين لكم حين هداكم. قال أبو البقاء: "ولا بُدَّ من حذفِ مضافٍ؛ لأنَّ الجثة لا تشبه الحدثَ. والخامس: أن تَكونَ الكافُ بمعنى "على" كقوله: ﴿وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ قوله: ﴿وَإِن كُنْتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ﴾: "إنْ" هذه هي المخففةُ من الثقيلة، واللامُ بعدها للفرق بينها وبين النافيةِ، وجازَ دخولُ "إنْ" على الفعل لأنه ناسخٌ. وهل هذه اللامُ لام الابتداءُ التي كانت تصحبُ "إنَّ" أو لامٌ أخرى غيرُها، اجتُلِبَتْ للفرق؟ قولان هذا رأيُ البصريين. وأمَّا الكوفيون فعندهم فيها خلاف: فالفراءُ يزعم أنها بمعنى "إنْ" النافية واللامُ بمعنى إلاَّ أي: ما كنتم من قبلِه إلا من الضالين، ومذهبُ الكسائي التفصيلُ: بين أنْ تدخُلَ على جملةٍ فعليةٍ فتكونَ "إنْ" بمعنى قد، واللامُ زائدة للتوكيدِ وبين أن تدخلَ على جملةٍ اسمية فتكون كقولِ الفراء، وقد تقدَّم طرفٌ من هذه الأقوال.
و "من قبله" متعلقٌ بمحذوفٍ يَدُلُّ عليه "لمن الضالين"، تقديرُه: كنتم من قبله ضالِّين لمن الضالين. ولا يتلعَّق بالضالِّين بعده، لأنَّ ما بعد أل الموصولة لا يعمل فيما قبلها، إلا على رأي مَنْ يتوسَّع في الظرف، وقد تقدم تحقيقه. والهاء في "قبله" عائدةٌ على "الهدى" المفهومِ من قوله "كما هداكم.
* ﴿ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
(٢/٣١٢)
---


الصفحة التالية
Icon