وأمَّا نصبُه فمن أوجهٍ، أحدُه: أن يكونَ معطوفاً على "آباءكم" قال الزمخشري، فإنه قال: "بمعنى أو أشدَّ ذكراً من آبائِكم، على أن "ذِكْراً" من فشعْلِ المذكور" وهذا كلامٌ يَحْتاج إلى تفسيرٍ، فقولُه: "هو معطوفٌ على آباءكم" معناه أنك إذا عَطَفْتَ "أشدّ" على "آباءكم" كان التقديرُ: أو قوماً أشدَّ ذكراً من آبائكم، فكان القومُ مذكورين، والذكرُ الذي هو تمييزُ بعد "أشدَّ" هو من فِعْلهم، أي: من فعلِ القوم المذكورين، لأنه جاء بعد "أَفْعَلَ" الذي هو صفةٌ / للقومِ، ومعنى "من آبائِكم" أي من ذكرِكم لآبائكم وهذا أيضاً ليس فيه تجوزٌّ بأنْ جُعِل الذكرُ ذاكراً.
الثاني: أن يكونَ معطوفاً على محلِّ الكاف في "كذكركم" لأنها عندهم نعتٌ لمصدر محذوف، تقديرُه: ذكراً كذكركم آباءكم أو أشدََّ، وجَعَلوا الذِّكْرَ ذاكراً مجازاً كقولهم: شعرٌ شاعِرٌ، وهذا تخريجُ أبي علي وابن جني.
الثالث: قاله مكي: أن يكونَ منصوباً بإضمار فعلٍ، قال: "تقديرُه: فاذكروه ذكراً أسد من ذكركم لآبائكم، فيكونُ نعتاً لمصدر في موضع الحالِ، أي: اذكروه بالغين في الذِّكْر.
الرابع: أن يكونَ منصوباً بإضمار فعلِ الكون، قال أبو البقاء: "وعندي أنَّ الكلام محمولٌ على المعنى، والتقدير: أو كونوا أشدَّ لله ذِكْراً منكم لآبائكم، ودلَّ على هذا المعنى قولُه: "فاذكروا الله" أي: كونوا ذاكِريه، وهذا أسهلُ مِنْ حَمْلِه على المجاز" يعني المجاز الذي تقدَّم ذكره عن الفارسي وتلميذه.
الخامس: أن يكون "أشدَّ" نصباً على الحال من "ذِكْراً" لأنه لو تأخَّر عنه لكان صفةً له، كقوله:
٨٩١ - لميَّةَ موحشاًَ طَلَلٌ * يَلُوح كأنه خِلَلُ
(٢/٣١٧)
---


الصفحة التالية
Icon