قوله: ﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾ / هذا الجارُّ خبرُ مبتدأ محذوفٍ، واختلفوا في ذلك المبتدأ حَسَبَ اختلافِهم في تعلُّقِ هذا الجارِّ من جهةِ المعنى لا الصناعة فقيل: يتعلَّقُ من جهةِ المعنى بقولِه: ﴿فَلاا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ فتُقَدِّر له ما يَليقُ به أي: انتقاءُ الإِثمِ لِمَن اتَّقى. وقيل: متعلِّقٌ بقولِه: "واذكروا" أي: الذكرُ لمَنِ اتقى. وقيل: متعلِّق بقولِه: "غفورٌ رحيم" أي: المغفرة لمن اتقى. وقيل: التقديرُ: السلامة لمن اتقى. وقيل: التقديرُ: ذلك التخييرُ وَنفْيُ الإِثم عن المستعجلِ والمتأخرِ لأجلِ الحاجِّ المتَّقي، لئلا يتخالجَ في قلبِه شيءٌ منهما فيحسَبَ أنَّ أحدَهما يُرهِقُ صاحبَه إثماً في الإِقدامِ عليه، لأنَّ ذا التقوى حَذِرٌ متحرزٌ من كلِّ ما يُريبه. وقيل: التقديرُ: ذلكَ الذي مَرَّ ذكرهُ من أحكام الحج وغيرهِ لِمَنِ اتقى، لأنه هو المنتفعُ به دونمَنْ سِواه، كقوله: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ﴾. قال هذين التقديرين الزمخشري. وقال أبو البقاء: "تقديرُه: جوازُ التعجيل والتأخير لمن اتقى". وكلُّها أقوالٌ متقاربة. ويجوز أن يكونَ "لمَن اتقى" في محلِّ نصب على أن اللامَ لامُ التعليل، وتيعلَّقُ بقولِه ﴿فَلاا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ أي: انتقى الإِثمُ لأجلٍ المتَّقي، ومفعولُ: اتَّقى" محذوفٌ، أي: اتَّقى اللهَ، وقد جاءَ مصرَّحاً به في مصحفِ عبدِ الله وقيل: اتقى الصيدَ.
* ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾
(٢/٣٢٥)
---


الصفحة التالية
Icon