قوله: ﴿وَيُشْهِدُ اللَّهَ﴾ في هذه الجملةِ وجهان، أظهرُهما: أنها عطفٌ على "يُعْجِبَك"، فهي صلةٌ لا محلَّ لها من الإِعراب أو صفةٌ، فتكونُ في محلِّ رفعٍ على حَسَبِ القول في "مَنْ". والثاني: أن تكونَ حاليةً، وفي صاحبِها حينئذٍ وجهان، أحدهُما: أنه الضميرُ المرفوعُ المستكنُّ في "يعجبك"، والثاني: أنه الضميرُ المجرُور في "قوله" تقديرُه: يُعْجِبُك أَنْ يقولَ في أمر الدنيا، مُقْسِماً على ذلك. وفي جَعْلها حالاً نظرٌ من وجهين، أحدهُما: من جهةِ المعنى، والثاني من جهةِ الصناعة، وأمَّا الأول فلأنه يَلْزَمُ منه أن يكونَ الإعجابُ والقولُ مقيدين بحالٍ والظاهرُ خلافهُ. وأمَّا الثاني فلأنه مضارع مثبتٌ فلا يَقَعُ حالاً إلا في شذوذٍ، نحو: "قُمْتُ وأصُكُّ عينه، أو ضرورةً نحو:
٨٩٤ -....................... * نَجَوْتُ وأَرْهُنُهم مالِكا
وتقديرُه مبتدأً قبلَه على خلافِ الأصلِ، أي: وهو يُشْهِدُ.
والجمهورُ على ضَمِّ حرفِ المضارعة وكسرِ الهاء، مأخوذاً من أَشْهَدَ ونصبِ الجلالة مفعولاً به. وقرأ أبو حيوة وابن محيصن بفتحهِما ورفعِ الجلالةِ فاعلاً، وقرأ أُبيّ: "يستشهد الله". فأمَّا قراءةُ الجمهور وتفسيرُهم فإن المعنى: يَحْلف بالله ويُشْهده إنه صادق، وقد جاءَتِ الشهادةُ بمعنى القَسَم في آية اللِّعان، قيل: فيكونُ اسمُ الله منتصباً على حَذْفِ حرفِ الجر أي: يُقْسِمُ بالله، وهذا سهوٌ من قائِله، لأنَّ المستعملَ بمعنى القسَم "شَهِد" الثلاثي لا "أَشْهَد" الرباعي، لا تقولُ: أُشْهِد بالله، بل: أَشْهَدُ بالله، فمعنى قراءةِ الجمهور: يَطَّلِعُ الله على ما في قلبه، ولا يَعْلَمُ به أحدٌ لشدةِ تكتُّمِه
(٢/٣٢٧)
---


الصفحة التالية
Icon