وروي عن ورش إبدالُ الثانيةِ ألِفاً مَحْضة، ونسب الزمخشري هذه القراءة للَّحْنِ، قال: "لأنه يؤدي إلى الجمع بين ساكنين على غير حَدَّهما، ولأن تخفيفَ مثلِ هذه الهمزةِ إنما هو بينَ بينَ" وهذا منه ليس بصواب لثبوت هذه القراءة توتراً، وللقرَّاء في نحو هذه الآية عَمَلٌ كثيرٌ وتفصيلٌ منتشر.
* ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾
قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ﴾.. الآية ﴿عَلَى قُلُوبِهمْ﴾: متعلّق بخَتَم، و "على سمعهم" يَحْتمل عطفه على قلوبهم وهو الظاهر للتصريح بذلك، أعني نسبةَ الختم إلى السمع في قوله تعالى: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ﴾ ويَحْتمل أن يكونَ خبراً مقدماً وما بعده عَطْفٌ عليه، و"غِشَاوة" مبتدأ، وجاز بالابتداء بها لأن النكرة متى كان خبرها ظرفاً أو حرفَ جر تاماً وقُدِّمَ عليها جاز الابتداء بها، ويكون تقديمُ الخبر حينئذٍ واجباً لتصحيحه الابتداء بالنكرة، والآيةُ من هذا القبيل، وهذا بخلافِ قوله تعالى: ﴿وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ﴾ لأن في تلك الآية مُسوِّغاً آخر وَهو الوصفُ، فعلى الاحتمال الأول يُوقف عنده" لأن في تلك الآية مُسوَِّغاً آخر وَهو الوصفُ، فعلى الاحتمال الأول يُوقف على "سمعهم" ويُبتدأ بما بعده وهو "وعلى أبصارهم غشاوةٌ" فعلى أبصارهم خبرٌ مقدم وغشاوة مبتدأ مؤخر، وعلى الاحتمال الثاني يُوقف على "قلوبهم"، وإنما كُرِّر حرفُ الجر وهو "على" ليفيد التأكيدَ أو ليُشْعِرَ ذلك بتغايرِ الختمين، وهو أنَّ خَتْم القلوبِ غيرُ خَتْمِ الأسماعِ. وقد فرَّق النحويون بين: "مررت بزيد وعمرو" وبين: "مررت بزيد وبعمرو" فقالوا: في الأول هو مرورٌ واحدٌ وفي الثاني هما مروران، وهو يؤيِّد ما قلته، إلاَّ أن التعليلَ بالتأكيدِ يَشْمل الإعرابين، اعني جَعْلَ "وعلى سَمْعِهم" معطوفاً على قوله "على قلوبهم" وجضعْلَه خبراً


الصفحة التالية
Icon