قوله: ﴿بَغْياً﴾ في نصبِهِ وجهان، أظهرُهما: أنه مفعولٌ من أجلِهِ لاستكمالِ الشروطِ، هو علةٌ باعثةٌ. والعامِلُ فيه مضمرٌ على ما اخترناه، وهو الذي تُعَلِّقُ به "فيه" و "اختلف" المفلوظُ به عند مَنْ يرى أنَّ "إلاَّ" يُسْتثنى بها شيئان. والثاني: أنه مصدرٌ في محلِّ حالٍ أي: باغين، والعامِلُ فيها ما تقدَّم. و "بينهم" متعلقٌ بمحذوفٍ لأنه صفةٌ لـ"بغياً". أي: بَغْياً كائناً بينهم.
قوله: ﴿لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾ "لِما" متعلِّقٌ بـ"هَدَى" وما موصولةٌ، والضمِيرُ في "اختلفوا" عائدٌ على "الذين أوتوه"، وفي "فيه" عائدٌ على "ما" وهو متعلِّقٌ بـ"اختلف".
و ﴿مِنَ الْحَقِّ﴾ متعلِّقٌ بمحذوفٍ لأنه في موضعِ الحالِ من "ما" في "لِما". و "مَنْ" يجوزُ أن تكونَ للتبعيضِ وأن تكونَ للبيانِ عند مَنْ يرى ذلك تقديرُهُ: الذي هو الحق. وأجاز أبو البقاء أن يكونَ "مِنَ الحق" حالاً من الضميرِ في "فيه" والعامِلُ فيها "اختلفوا". وزعم الفراء أنَّ في الكلامِ قَلْباً والأصلُ: "فَهَدى الله الذينَ آمنوا للحقِّ ممَّا اختلفوا" واختاره الطبري. وقال ابن عطية: "ودعَاه إلى هذا التقديرِ خَوْفُ أن يحتملَ اللفظُ أنهم اختلفوا في الحقِّ، فهدى الله المؤمنين لبعضِ ما اختلفوا فيه، وعَسَاهُ أن يكونَ غيرَ حقٍ في نفسِهِ" قال: "والقلبُ في كتابِ اللَّهِ دونَ ضرورةٍ تدفعُ إليه عجزٌ وسوءُ فهمٍ" انتهى. قلت: وهذا الاحتمالُ الذي جَعَلَه ابنُ عطية حاملاً للفراء على ادعاءِ القلبِ لا يُتَوَهَّمُ أصلاً.
قوله: ﴿بِإِذْنِهِ﴾ فيه وجهان، أحدُهما: أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ لأنه حالٌ من "الذين آمنوا" أي: مأذوناً لهم. والثاني: أن يكونَ متعلقاً بهدى مفعولاً به، أي: هداهم بأمره.
(٢/٣٥٦)
---


الصفحة التالية
Icon