و "يزالون" مضارع زال الناقصة التي ترفع الاسم وتنصب الخبر، ولا تعمل إلا بشرطِ أَنْ يتقدَّمها نفيٌ أو نهي أو دعاء، وقد يُحْذف النافي بإطِّراد إذا كان الفعل مضارعاً في جوابِ قسم وإلاَّ فسماعاً، وأحكامُها في كتب النحو، ووزنُها فَعِل بكسر العين، وهي من ذوات الياء بدليل ما حكى الكسائي في مضارعها: يَزيل، وإن كان الأكثر يَزال، فأمَّا زال التامة فوزنها فَعَل بالفتح، وهي من ذوات الواو لوقلِهم في مضارعها يَزُول، ومعناها التحول. و "عن دينكم" متعلق "بيردوكم" وقوله: "إن استطاعوا" شرط جوابه محذوف للدلالة عليه أي: إن اشتطاعاو ذلك فلا يزالون يقاتلونكم، ومَنْ رأى جوازَ تقديمِ الجواب جعل "لا يزالون" جواباً مقدماً، وقد تقدَّم الردُّ عليه بأنه كان ينبغي أَنْ تَجِبَ الفاَءُ في قولِهم: "أنت ظالم إنْ فعلت".
قوله: ﴿وَمَن يَرْتَدِدْ﴾ "مَنْ" شرطيةٌ في محلِّ رفع بالابتداءِ، ولم يَقْرأ هنا أحدٌ بالإِدغام، وفي المائدة اختلفوا فيه، فنُؤَخِّر الكلامَ على هذه المسألةِ إلى هناك إن شاءَ اللهُ تعالى.
وَيَرْتَدِدُ يَفْتَعِلُ من الردِّ وهو الرجوعُ كقولِه: ﴿فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً﴾: قال الشيخ: "وقد عَدَّها بعضُهم فيما يتعدَّى إلى اثنين إذا كانت عنده بمعنى صَيَّر، وَجَعَلَ من ذلك قولَه: ﴿فَارْتَدَّ بَصِيراً﴾ أي: رَجَع" وهذا منه [سهو]؛ لأنَّ الخلافَ إنما هو بالنسبةِ إلى كونِها بمعنى صار أم لا، ولذلك مثَّلوا بقوله: "فارتدَّ بصيراً" فمنهم مَنْ جَعَلها بمعنى "صار"، ومنهم مَنْ جَعَل المنصوبَ بعدَها حالاً، وإلا فأينَ المفعولان هنا؟ وأمَّا الذي عَدُّوه يتعدَّى لاثنين بمعنى "صَيَّر" فهو رَدَّ لا ارتدَّ، فاشتبه عليه ردَّ بـ"ارتَدَّ". وصيَّر بـ"صارَ".
(٢/٣٧٥)
---